للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد اختصت عن سائر البلاد الإسلامية بأربعة أحكام:

الأول: أنها لا يسكنها غير المسلمين.

والثاني: أنه لا يدفن بها أحد من غير المسلمين.

والثالث: أنها لا يبقى فيها دار عبادة لغير المسلمين.

والرابع: أنها لا يؤخذ من أرضها خراج.

وفي كل من هذه الأحكام تفصيل (١).

وقد اختلف الفقهاء فيما ينطبق عليه هذا الحكم من جزيرة العرب، على أقوال (٢):


= "كانت أرض الجزيرة خاوية، ليس في تهامتها ونجدها وحجازها وعروضها كبير أحد؛ لإخراب بُخْتُنَصَّر وإجلائها من أهلها؛ إلا من اعتصم برؤوس الجبال وشعابها".
- وهكذا الشأن في الرواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - تعالى:
ففي رواية بكر بن محمد عن أبيه؛ قال: سألت أبا عبدالله -يعني: الإمام أحمد- عن جزيرة العرب؟
فقال: "إنما الجزيرة موضع العرب، وأي موضع يكون فيه أهل السواد والفرس؛ فليس هو جزيرة العرب، موضع العرب: الذي يكونون فيه".
وفي رواية ابنه عبدالله عنه؛ قال: "سمعت أبي يقول في حديث: "لا يبقى دينان في جزيرة العرب": تفسيره: ما لم يكن في يد فارس والروم. قيل له: ما كان خلف العرب؟ قال: نعم".
ورواية ثالثة في المغني؛ قال: "قال الإمام أحمد: جزيرة العرب: المدينة وما والاها".
فالروايتان الأولى والثانية تلتقيان في محدود جزيرة العرب؛ لأن العرب كانت منتشرة في الظعن والإقامة والرعي والخفارة في قلب هذه الرقعة، وما أَسْحَلَتْهُ بحارها الثلاثة.
ولقول في الرواية الثالثة؛ كالشأن في توجيه الرواية عن مالك - رحمه الله - تعالى، وتقدم.
وعليه؛ فإن من عد اختلاف الرواية عن هذين الإمامين اختلافًا يوجب تكوين رأي في مسمى (جزيرة العرب) من قصرها على مكة والمدينة فقد أبعد.
وبهذا يتضح بجلاء التقاء الفقهاء مع الجغرافيين والمؤرخين في حدود جزيرة العرب".
(١) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (٣/ ١٢٧).
(٢) انظر بحث المسألة: الموسوعة الفقهية الكويتية (٣/ ١٢٨).

<<  <   >  >>