للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما عن المدة التي يجوز أن يقيم فيها الكافر في جزيرة العرب غير الحرم المكي (١):

اختلف أهل العلم في ذلك:

القول الأول: إن قَدَّر له الإمام مدة فلا يزيد عليها، (فإن زاد جعله الإمام ذميًا، وإن لم يُقدَّر له مدة فالمعتبر هو الحول (السَّنَة)، فإن زاد صار ذميًا) تُضرب عليه الجزية، ولا يمكَّن من الخروج، وهو قول الحنفية (٢).

القول الثاني: تقدر بقدر الحاجة والمصلحة، وهو قول المالكية (٣).

القول الثالث: لا يؤذن لهم في الإقامة أكثر من ثلاثة أيام، وهو قول الشافعية والحنابلة (٤)، واختاره الصيدلاني (٥).


(١) ويمنع الكافر ولو لمصلحة دخول حرم مكة، لقوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: ٢٨]، والمراد به الحرم بإجماع المفسرين بدليل، قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة: ٢٨] أي فقرًا بانقطاع التجارة عنكم لمنعهم من الحرم {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: ٢٨] ومعلوم أن الجلب إنما يجلب للبلد، لا إلى المسجد نفسه، والمعنى في ذلك أنهم أخرجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - منه فعوقبوا بالمنع من دخوله بكل حال. مغني المحتاج (٦/ ٦٧ - ٦٨).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨٤)، الهداية (٢/ ٣٩٦)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٦٨).
(٣) انظر: حاشية العدوي مع شرح الخرشي (٣/ ١٤٤)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٢/ ٢٠١).
(٤) انظر: منهاج الطالبين (ص: ٣١٣)، مغني المحتاج (٦/ ٦٧)، شرح المنتهى (١/ ٦٦٧)، كشاف القناع (٣/ ١٣٦).
(٥) في نهاية المطلب (١٨/ ٦٣): "فأما ما عدا حرم مكة، فلا يمتنع فيه على الكفار طروقها على هيئة الانتقال، ويحرم عليهم الإقامة، ولا يمتنع أن يؤذن لهم في دخولها مجتازين، وإن مكثوا في قرية أو بلدة، فلا يزيدنّ مكثُهم على مكث المسافرين، وهو ثلاثة أيام، من غير احتساب يوم الدخول ويوم الخروج، ولو كانوا يتناقلون من بقعة إلى بقعة ولو قيست أيام تردُّدهم، لزادت على مقام المسافرين، فلا بأس؛ فإن خِطة الحجاز لا يمكن قطعها بثلاثة أيام، حتى قال الصيدلاني وغيره: لا نكلفهم أن يجروا في انتقالهم على المنازل المعهودة، فلو قطعوها فرسخًا فرسخًا، وكانوا يقيمون على منتهى كل فرسخ ثلاثة، فلا منع ولا حجر" مفهومه أنهم لو أقاموا أكثر من ثلاثة أيام يمنعون.

<<  <   >  >>