للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢. ولأن بينة الخارج -المدِّعي- أظهرت له سبق الملك، فكان القضاء بها أولى، كما إذا وقتت البينتان نصًا ووقتت بينة الخارج دلالة، ودلالة الوصف أنها أظهرت له سبق اليد؛ لأنهم شهدوا له بالملك المطلق (١).

٣. ولا تحل لهم الشهادة بالملك المطلق إلا بعلمهم به، ولا يحصل العلم بالملك إلا بعد العلم بدليل الملك، ولا دليل على الملك المطلق سوى اليد، فإذا شهدوا للخارج فقد أثبتوا كون المال في يده، وكون المال في يد ذي اليد ظاهرًا ثابت للحال، فكانت يد الخارج سابقة على يده، فكان ملكه سابقًا ضرورة، وإذا ثبت سبق الملك للخارج يقضي ببينته؛ لأنه لما ثبت له الملك واليد في هذه العين في زمان سابق، ولم يعرف لثالث فيها يد وملك علم أنها انتقلت من يده إليه، فوجب إعادة يده وردّ المال إليه، حتى يقيم صاحب اليد الآخر الحجة أنه بأي طريق انتقل إليه، كما إذا عاين القاضي كون المال في يد إنسان ويدعيه لنفسه، ثم رآه في يد غيره، فإنه يأمره بالرد إليه إذا ادعاه ذلك الرجل إلى أن يبين سببًا صالحًا للانتقال إليه، وكذا إذا أقر المدَّعَى عليه أنَّ هذا المال كان في يد المدَّعي، فإنه يؤمر بالرد إليه إلى أن يبين بالحجة طريقًا صالحًا للانتقال إليه، كذلك هذا، وصار كما إذا أرَّخَا نصًا، وتاريخُ أحدهما أسبق؛ لأن هذا تاريخ من حيث المعنى (٢).

نوقش بأن:

الأصل عدم الانتقال، وحينئذٍ تبقى العين في يد المدَّعى عليه مع اليمين (٣).

٤. ولأن بينة المدَّعي أكثر فائدة، فوجب تقديمها، كتقديم بينة الجرح على التعديل. ودليل كثرة فائدتها، أنها تُثبت شيئًا لم يكن، وبينة المنكر إنما تثبت ظاهرًا تدل اليد عليه، فلم تكن مفيدة (٤).

٥. ولأن الشهادة بالملك يجوز أن يكون مستندها رؤية اليد والتصرف، فإن ذلك جائز عند كثير من أهل العلم، فصارت البينة بمنزلة اليد المفردة، فتُقدَّم عليها بينة المدعي،


(١) انظر: بدائع الصنائع (٦/ ٢٣٢).
(٢) نفس المرجع.
(٣) انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (١٥/ ٣٨٨).
(٤) انظر: المغني (١٠/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>