للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض المانعين: هو إجماع سكوتي؛ لأنه لم يخالف عمرَ رضي الله عنه أحد (١).

ونوقش بـ:

كونه لم يخالفه أحد غير مسلَّم، وقد يكون سكوتهم لأسباب؛ أرجاها هنا هيبة عمر رضي الله عنه، فلما قيل لابن عباس: "فما منعك أن تشير بهذا-يعني ترك العول- على عمر؟ فقال: هِبْتُهُ، واللهِ" (٢)، مع أنا لا نسلم أنهم سكتوا، فإنهم لم ينقرض عصرهم حتى خالفه علي وابن عباس وابن الزبير وأبي سعيد، وأيضًا فقد تقدمه الإجماع في عصر الصديق (٣).

٨. وقال المانعون: وفي بيعهن تفريق بينهن وبين أولادهن (٤)، وأجمعت الأمة في المنع من التفريق بين الأم وولدها (٥).

وقالوا من جهة النظر: إن الأمة إذا حملت بالولد من سيدها فإنه ينعقد حرًّا، وفيه جزء منها، فقد عتق بعضها، ومتى عتق البعض سرى إلى جميعها، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شقصًا له في عبد، فخلاصه في ماله» (٦). وقد


(١) انظر: المغني لابن قدامة (١٠/ ٤٧٠)، بيع أمهات الأولاد (ص: ٧٩).
(٢) مسند الفاروق (٢/ ١٠٣).
(٣) انظر: بيع أمهات الأولاد (ص: ٨٠).
(٤) انظر: معالم السنن (٤/ ٧٤).
ومما يستدل لهم في النهي عن التفريق بين الولد وأمه حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - مرفوعًا: "من فرَّق بين الوالدة وولدها، فرَّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" رواه الترمذي، أبواب البيوع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب ما جاء في كراهية أن يفرّق بين الأخوين أو بين الوالدة وولدها في البيع، رقم (١٢٨٣)، وقال: "حسن غريب"، وحسنه الألباني. ثم قال الإمام الترمذي - رحمه الله -: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، كرهوا التفريق بين السبي بين الوالدة وولدها، وبين الولد والوالد، وبين الإخوة".
(٥) انظر: القبس في شرح موطأ مالك بن أنس لابن العربي (ص: ٩٢٣).
(٦) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الشركة، باب الشركة في الرقيق، رقم (٢٥٠٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب العتق، باب ذكر سعاية العبد، رقم (١٥٠٣). واللفظ لمسلم وتمامه: «من أعتق شقصًا له في عبد، فخلاصه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال، استسعى العبد غير مشقوق عليه».
ولفظ البخاري «من أعتق شقصًا له في عبد، أعتق كله، إن كان له مال، وإلا يستسع غير مشقوق عليه»
شقصًا: أي نصيبًا، كما في الرواية الأخرى في صحيح البخاري (٣/ ١٣٩)، رقم (٢٤٩١).

<<  <   >  >>