للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشرة، وسمع جماعة من الصحابة، وقد ذكر مسلم في مقدمة كتابه أن المتفق عليه أن إمكان اللقاء والسماع يكفي للاتصال، ولا شك في إمكان سماع ابن بريدة من عائشة، فروايته عنها محمولة على الاتصال، على أن صاحب الكمال صرّح بسماعه منها" (١).

وأجيب:

بأن ما قاله مسلم في مقدمته (٢) خالفه جمهور المتقدمين، فقد قال العلائي - رحمه الله - في القول باشتراط اللقي لاتصال السند المعنعن: "وهذا هو الذي عليه رأي الحذاق كابن المديني، والإمام البخاري، وأكثر الأئمة" (٣).

وقال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: "وأما جمهور المتقدمين فعلى ما قاله ابن المديني (٤) والبخاري؛ وهو القول الذي أنكره مسلم على من قاله ... ، وما قاله ابن المديني والبخاري هو مقتضى كلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم من أعيان الحفاظ، بل كلامهم يدل على اشتراط ثبوت السماع، كما تقدم عن الشافعي - رضي الله عنهم - (٥)

أجمعين؛ فإنهم قالوا في


(١) انظر: الجوهر النقي (٧/ ١١٨).
(٢) انظر: صحيح مسلم (١/ ٢٣).
(٣) انظر: جامع التحصيل (ص: ١١٦).
(٤) هو الإمام الحجة أمير المؤمنين في الحديث، أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر السعدي بالولاء المديني، البصري، محدث مؤرخ كان حافظ عصره، ساد الحفاظ في معرفة العلل، شيخ البخاري. له نحو مئتي مصنف، قال أبو داود: " علي أعلم من أحمد باختلاف الحديث".قال البخاري: "ما استصغرت نفسي عند أحد، إلا عند علي بن المديني" من كتبه (الأسامي والكنى) ثمانية أجزاء، (التاريخ) عشرة أجزاء، (علل الحديث ومعرفة الرجال)، مات بسامراء سنة ٢٣٤ هـ. سير أعلام النبلاء (١١/ ٤١)، الأعلام للزركلي (٤/ ٣٠٣).
(٥) اختلف العلماء في الترضي على غير الصحابة كالتابعين ومن بعدهم من العلماء والعبَّاد وسائر الأخيار:
١ - ... ذهب بعض العلماء: إلى المنع من ذلك، وأنه مخصوص بالصحابة رضي الله عنهم، حكاه النووي، ومال إليه الألباني رحمهما الله.
٢ - ... ذهب النووي: إلى استحباب الترضّي والترحّم عليهم، ونسب هذا القول إلى الجمهور، وتبعه على ذلك الشافعية، والنفراوي من المالكية رحم الله الجميع.

<<  <   >  >>