للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومن نظر إلى بعض المسائل المترتبة على الخلاف مع مرجئة الفقهاء؛ مثل: هل العمل من الإيمان، ومسائل زيادة الإيمان ونقصانه، واستواء الناس في أصل الإيمان، وتحريم الاستثناء في الإيمان مطلقا، وتكفير المخالف كما تقول مرجئة الفقهاء، يكون الخلاف والحالة هذه ليس صوريًا ... وقد عدّ بعض العلماء ثمرات الخلاف وما يترتب على ذلك ثمانية، ولعل مسألتنا هي التاسعة.
انظر: ظاهرة الإرجاء (١/ ٢٨٣ - ٢٨٤).
وهذا الاختلاف الحقيقي إنما هو في الأسماء أي: فيما يتعلق بحقيقة الإيمان وماهيته واسم صاحب الكبيرة في الدنيا.
أما حكم صاحب الكبيرة في الآخرة فمرجئة الفقهاء يوافقون أهل السنة في ذلك، انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥١)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٨/ ٢٠٥).
قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (٧/ ٥٠٤ - ٥٠٥): "تنازع الناس في اسم المؤمن والإيمان نزاعًا كثيرًا، منه لفظي، وكثير منه معنوي، فإن أئمة الفقهاء لم ينازعوا في شيء مما ذكرناه من الأحكام وإن كان بعضهم أعلم بالدين وأقوم به من بعض؛ ولكن تنازعوا في الأسماء كتنازعهم في الإيمان هل يزيد وينقص؟ وهل يستثنى فيه أم لا؟ وهل الأعمال من الإيمان أم لا؟ وهل الفاسق الملي مؤمن كامل الإيمان أم لا؟ والمأثور عن الصحابة وأئمة التابعين وجمهور السلف وهو مذهب أهل الحديث وهو المنسوب إلى أهل السنة أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأنه يجوز الاستثناء فيه". وقال في مجموع الفتاوى (٧/ ٢٩٧): "ومما ينبغي أن يُعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي، وإلا؛ فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء - كحماد بن أبي سليمان، وهو أول من قال ذلك، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم - متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد، وإن قالوا: إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل؛ فهم يقولون: إن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقًا للذم والعقاب، كما تقوله الجماعة. ويقولون أيضًا بأن من أهل الكبائر من يدخل النار كما تقوله الجماعة، والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار؛ فليس بين فقهاء الملة نزاع في أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنًا وظاهرًا بما جاء به الرسول، وما تواتر عنه أنهم من أهل الوعيد، وأنه يدخل النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها، ولا يخلد منهم فيها أحد، ولا يكونون مرتدين مباحي الدماء". =

<<  <   >  >>