قال الحافظ: وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، نحوه. وروى الطبراني بإسناد صحيح عن ابن عباس أنَّ حاكم اليهود يومئذٍ كان أبا بَرْزة الأسلمي قبل أن يُسلم ويَصحب. وروى بإسناد آخر صحيح إلى مجاهد أنه كعب بن الأشرف. ومنها: ما أخرجه الكلبي في «تفسيره»، كما في «الفتح» (٥/ ٣٧) عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: نَزَلت هذه الآية في رجل من المنافقين، كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد. وقال المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف ... ، فذكر القصة، وفيه: أنَّ عمرَ قتل المنافقَ، وأنَّ ذلك سبب نزول هذه الآيات، وتسمية عمر الفاروق. قال الحافظ: وهذا الإسناد وإن كان ضعيفًا؛ لكن تقوى بطريق مجاهد، ولا يضره الاختلاف لإمكان التعدد، وأفاد الواحدي بإسناد صحيح عن سعيد، عن قتادة: أن اسم الأنصاري المذكور قيس، ورجَّح الطبري في «تفسيره» وعزاه إلى أهل التأويل في «تهذيبه» أنَّ سبب نزولها هذه القصة ليتسق نظام الآيات كلها في سبب واحد. قال: ولم يعرض بينها ما يقتضي خلاف ذلك، ثم قال: ولا مانع أن تكون قصة الزبير وخَصْمه وَقَعت في أثناء ذلك، فيتناولها عموم الآية، والله أعلم. اهـ. وقال في «العجاب في بيان الأسباب» (٢/ ٩٠٩) بعد أن ساق هذه الطرق وغيرها: وفيه تقوية لقول من قال: إن الآيات كلها أُنزلت في حق المتخاصمين إلى الكاهن كما تقدم، وبهذا جزم الطبري، وقوَّاه بأن الزبير لم يجزم بأن الآية نزلت في قصته، بل أورده ظنًّا. قلت [أي: ابن حجر]: لكن تقدم في حديث أم سَلَمة الجزم بذلك، ويحتمل أن تكون قصة الزبير وَقَعت في أثناء ذلك، فتناولها عموم الآية، والله أعلم. وانظر: «الصارم المسلول» لابن تيمية (٢/ ٨٣، ٨٥).