وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن عُبادة لم يُدرك عمر، فهو من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين، كالحسن وابن سيرين.
وله طريق أخرى: أخرجها الطبراني في «مسند الشاميين» (٢/ ٣٨٢ رقم ١٥٤٣) والحاكم (٣/ ٨٦ - ٨٧) -وعنه: البيهقي في «المدخل إلى السُّنن الكبرى» (ص ١٢٤ رقم ٦٦) - وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ١٩١) واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (٢٤٩٠) من طريق أبي خالد الأحمر، عن هشام بن الغاز ومحمد بن عَجْلان ومحمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غُضيف بن الحارث، عن أبي ذرّ -رضي الله عنه- قال: مرَّ فتًى على عمرَ، فقال عمرُ: نِعْمَ الفتى غضَيفُ. قال: فتَبِعَهُ أبو ذر، فقال: يا فتًى، استغفِرْ لي. فقال: يا أبا ذر، أستغفِرُ لك وأنت صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: استغفِرْ لي. قال: لا، أو تُخبِرُني؟ فقال: إنك مَرَرتَ على عمرَ، فقال: نِعْمَ الفتى، وإني سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله جعل الحقَّ على لسان عمرَ وقلبِهِ». قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال الذهبي: على شرط مسلم. كذا قالا، وهو معلّ، قال الدارقطني في «الأفراد»، كما في «أطرافه» لابن طاهر (٥/ ٥٢): تفرَّد به أبو خالد الأحمر، عن هشام بن الغاز، عن مكحول. وقال في «العلل» (٦/ ٢٥٩): وأحسب أبو خالد حَمَلَ حديث هشام بن الغاز وابن عَجْلان على حديث محمد بن إسحاق فجوَّد إسنادَه؛ لأن غيرَه يَرويه عن هشام بن الغاز وعن محمد بن عَجْلان، عن مكحول، مرسلاً، عن أبي ذرّ. ثم قال: ومحمد بن إسحاق أقام إسناده عن مكحول. قلت: ورواية ابن إسحاق التي رجَّحها الدارقطني ليس فيها ذكر لقصة غضيف بن الحارث، فقد أخرجها أبو داود (٢٩٦٢) في الخراج، باب في تدوين العطاء، وابن ماجه (١٠٨) في المقدمة، باب فضل عمر، وابن سعد (٢/ ٣٣٥) وأحمد (٥/ ١٦٥، ١٧٧) وعبد الله ابنه، والقَطيعي في «زوائدهما على فضائل الصحابة» (١/ ٢٥١، ٣٥٧ رقم ٣١٦، ٥٢١) والفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (١/ ٤٦١) وابن أبي شيبة (٦/ ٣٥٦ رقم ٣١٩٥٩) في الفضائل، باب ما ذُكر في فضل عمر -وعنه: ابن أبي عاصم في «السُّنة» (٢/ ٥٨١ رقم ١٢٤٩) - والبلاذُري في «أنساب الأشراف» (ص ١٤٩ - ١٥٠) والطبراني في «مسند الشاميين» (٤/ ٣٦٣ رقم ٣٥٦٥) والبغوي في «شرح السُّنة» (١٤/ ٨٥ رقم ٣٨٧٦) من طريق محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غُضَيف بن الحارث، عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- قال: سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله تعالى وَضَع الحقَّ على لسان عمرَ يقول به». ورواه عن محمد بن إسحاق: زُهَير، ويعلى بن عبيد، ويزيد بن هارون، ومحمد بن سَلَمة. وقد صرَّح ابن إسحاق بالسماع في رواية الفَسَوي، فانتفت شبهة تدليسه.