للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث في فضل الجماعة]

(١٣٨) قال الحافظ أبو يعلى (١): ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل بن عيَّاش، عن عُمارة بن غَزية، عن أنس، عن عمرَ -رضي الله عنه-، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن صلَّى أربعينَ ليلةً لا تفوتُهُ الركعةُ الأُولى من صلاةِ العشاءِ، كُتِبَ له بها عِتقٌ من النارِ».

ورواه ابن ماجه (٢)،

عن عثمان بن أبي شيبة، به، ولفظه: «مَن صَلَّى في مسجدٍ جماعةً أَربعينَ ليلةً ...». الحديث.

ورجاله ثقات، إلا أنَّ عُمارة بن غَزية مدني، وإسماعيل بن عيَّاش إذا روى عن غير الشَّاميين فإنَّه ضعيف عند الجمهور (٣)،

ولكن هذا في باب


(١) لم أجده في المطبوع من «مسنده»، وهو من رواية ابن حمدان، فلعلَّه في مسنده الكبير.
(٢) في «سننه» (١/ ٢٦١ رقم ٧٩٨) في المساجد، باب صلاة العشاء والفجر في جماعة.

وأخرجه -أيضًا- أبو أحمد الحاكم في «فوائده» (ص ٧٧، ١٢١ رقم ٢٤، ٦١) من طريق إسماعيل بن عياش، به. ولفظه: «لم تفته الركعة الأولى من صلاة الظهر»!
(٣) وله علَّة أخرى، وهي الانقطاع بين عُمارة بن غَزية وأنس، قال الترمذي في «سننه» (٢/ ٩): وهذا حديث غير محفوظ، وهو حديث مرسل، عُمارة بن غَزية لم يُدرك أنس بن مالك.
قلت: وقد خولف ابن عياش في روايته، خالَفَه يحيى بن أيوب، فرواه عن عُمارة بن غَزية، عن رجل، عن أنس بن مالك، عن عمرَ! انظر: «علل الدارقطني» (٢/ ١١٨).
وله طريق أخرى: أخرجها الترمذي (٢/ ٧ رقم ٢٤١) في الصلاة، باب ما جاء في فضل التكبيرة الأولى، من طريق سَلْم بن قتيبة، عن طعمة بن عمرو، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أنس، ولفظه: «مَن صلى للهِ أربعينَ يومًا يُدركُ التكبيرةَ الأولى كُتِبَت له براءتان: براءةٌ من النارِ، وبراءةٌ من النفاقِ». ولم يَذكر العشاء ولا الظهر!
وهذا منكر، فقد قال الترمذي عقب روايته: وروي هذا الحديث عن أنس موقوفًا، لا أعلم أحدًا رفعه إلا ما روى سَلْم بن قتيبة، عن طعمة بن عمرو، وإنما يُروى هذا عن حبيب بن أبي حبيب البَجَلي، عن أنس، قولَه. حدثنا بذلك هنَّاد، حدثنا وكيع، عن خالد بن طَهْمان، عن حبيب بن أبي حبيب، عن أنس، نحوه، ولم يرفعه.
قلت: كما قد خولف خالد بن طَهْمان في روايته، خالَفَه قيس بن الربيع، وعطاء بن مسلم، فروياه عن أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أنس، فرفعاه. ذكره الدارقطني في «العلل» (٢/ ١١٩)، ثم قال: وهذا وَهْم من قائله، وإنما رواه أبو العلاء الخفَّاف، عن حبيب أبي عُمَيرة الإِسكافي الكوفي، عن أنس.
قلت: وحبيب الإسكاف، قال عنه الدارقطني: متروك. «سؤالات البَرقاني» (ص ٢٣ رقم ٩٠).
وبالنظر في هذه الطرق يتبين أنها تالفة، لا يصح منها شيء، ثم في لفظه اضطراب:

فمنهم من يقول: «أربعين يومًا في جماعة يُدرك التكبيرة الأولى»!
ومنهم من يقول: «لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء»!
ومنهم من يقول: «لم تفته الركعة الأولى من صلاة الظهر»!
وقد أورد هذا الحديث الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٤/ ٦٢٨ رقم ١٩٧٩) و (٦/ ٣١٤ رقم ٢٦٥٢) من رواية أنس وعمر -رضي الله عنهما-، وحسَّنه بمجموع الطريقين، ولا يخفى ما فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>