(٢) في عدِّ هذا معلَّقًا نظر، فقد قال الحافظ في «تغليق التعليق» (٢/ ١٠): إذا قال البخاري: ((قال لنا)) أو ((قال لي)) أو ((زادنا)) أو ((زادني)) أو ((ذَكَر لنا)) أو ((ذُكِرَ لي)) فهو وإنْ ألحقه بعض من صنَّف في الأطراف بالتعاليق، فليس منها، بل هو متَّصل، صريح في الاتصال، وإن كان أبو جعفر ابن حمدان قد قال: إن ذلك عَرْض ومناولة! وكذا قال ابن منده: إنَّ ((قال لنا)) إجازة! فإن صحَّ ما قالاه؛ فحكمه الاتصال -أيضًا- على رأي الجمهور، مع أنَّ بعض الأئمَّة ذكر أنَّ ذلك مما حمله عن شيخه في المذاكرة، والظاهر أن كلَّ ذلك تحكُّم، وإنما للبخاري مقصد في هذه الصِّيغة وغيرها، فإنه لا يأتي بهذه الصِّيغة إلا في المتابعات والشواهد، أو في الأحاديث الموقوفة، فقد رأيته في كثير من المواضع التي يقول فيها في «الصحيح «: ((قال لنا)) قد ساقها في تصانيفه بلفظ ((ثنا))، وكذا بالعكس، فلو كان مثل ذلك عنده إجازة، أو مناولَة، أو مكاتبة، لم يَستجِز إطلاق ((ثنا)) فيه من غير بيان. وقال في «الفتح» (١/ ١٥٦): وقد ادَّعى ابن منده أنَّ كل ما يقول البخاري فيه: ((قال لي)) فهي إجازة، وهي دعوى مردودة، بدليل أني استقريت كثيرًا من المواضع التي يقول فيها في «الجامع «: ((قال لي)) فوَجَدته في غير الجامع يقول فيها: ((حدثنا))، والبخاري لا يستجيز في الإجازة إطلاق التحديث، فدل على أنها عنده من المسموع، لكن سبب استعماله لهذه الصيغة ليفرِّق بين ما يبلغ شرطه، وما لا يبلغ، والله أعلم.