للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر في العَمَّة

(٤٦٨) قال مالك (١):

عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عمرَ أنَّه كان يقول: عَجَبًا للعمَّة تُورَثُ ولا تَرِثُ.

طريق أخرى

(٤٦٩) قال أبو بكر بن داود: ثنا يحيى بن أبي طالب، أنا يزيد، أنا حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هَرِم، عن جابر بن زيد: أنَّ عمرَ قَضَى للعَمَّةِ الثُّلُثين، وللخالةِ الثُّلُثُ (٢).


(١) في «الموطأ» (٢/ ١٩) في الفرائض، باب ما جاء في العمة.

وأعلَّه ابن التركماني بالانقطاع، فقال في «الجوهر النقي» (٦/ ٢١٣): هذا منقطع، أبو بكر لم يَسْمع من عُمر.
(٢) وأخرجه -أيضًا- الطحاوي (٤/ ٤٠٠) من طريق يزيد بن هارون، به.
وهذا منقطع؛ جابر بن زيد لم يُدرك عمر، فهو من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين.
و-أيضًا-: حبيب بن أبي حبيب فيه لِين، كما قال الحافظ في «التقريب».
وله شواهد:
منها: ما أخرجه سعيد بن منصور (١/ ٦٨ رقم ١٥٤) وابن سعد (٧/ ١٠٠) وابن أبي شيبة (٦/ ٢٥٠ رقم ٣١١٠٥) في الفرائض، باب في الخالة والعمة، والطحاوي (٤/ ٣٩٩) من طريق داود بن أبي هند، عن الشَّعبي قال: أُتي زياد في رجل مات، وترك عمَّتَه وخالتَه، فقال: هل تدرون كيف قَضَى عمرُ فيها؟ قالوا: لا. قال: والله إنيِّ لأعلمُ الناسِ بقضاءِ عمرَ فيها، جَعَلَ العمَّةَ بمنزلةِ الأخِ، والخالةَ بمنزلةِ الأختِ، فأَعطى العمَّةَ الثلثين، والخالةَ الثلثَ.
وإسناده ضعيف؛ زياد، وهو: ابن أبيه، أورد له الذهبي هذا الأثر في ترجمته من «الميزان» (٢/ ٨٦ رقم ٢٩٢٣) ونقل عن ابن حبان قوله فيه: ظاهر أحواله المعصية، وقد أجمع أهل العلم على ترك الاحتجاج بمن كان كذلك.
وضعَّفه الشيخ الألباني في «الإرواء» (٦/ ١٤٣).
ومنها: ما أخرجه سعيد بن منصور (١/ ٦٨ رقم ١٥٣) وعبد الرزاق (١٠/ ٢٨٢ رقم ١٩١١٣) وابن أبي شيبة (٦/ ٢٥١ رقم ٣١١١٢) والدارمي (٤/ ١٩٤٧ رقم ٣٠٢٢) من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عمرَ: أنه أعطى العَمَّةَ الثلثين، والخالةَ الثلثَ.
وهذا منقطع بين الحسن وعمر.

ومنها: ما أخرجه ابن عبدالبر في «الاستذكار» (٤/ ٣٦٠) عن عبد الله بن محمد بن أسد، عن محمد بن أحمد بن محمد الخياش، عن مالك بن يحيى بن مالك أبي غسان، عن يزيد بن هارون، عن حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المُزَني: أنَّ عمرَ بن الخطاب قَضَى للعمَّة بثلثي الميراث، وللخالةِ بالثلثِ.
وهذا منقطع، بكر المُزَني من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين.
وقد أشار إلى هذه الروايات الثلاث البيهقي في «سننه» (٦/ ٢١٧) وأعلَّها، فقال: ورواه الحسن، وجابر بن زيد، وبكر بن عبد الله المُزَني، وغيرهم: أنَّ عمرَ -رضي الله عنه- جعل للعمَّة الثلثين، وللخالةِ الثلثَ. وجميع ذلك مراسيل، ورواية المدنيين عن عمرَ أولى أن تكون صحيحة، والله أعلم.
قلت: لعله يقصد برواية المدنيين رواية أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرَ الماضية.
وخالَفَه ابن التركماني، فقال في «الجوهر النقي» (٦/ ٢١٧ - بهامش السُّنن الكبرى): فهذه وجوه كثيرة عن عمرَ يَشدُّ بعضها بعضًا أنه ورَّث ذوي الأرحام.
قلت: وأخرج ابن أبي شيبة (٦/ ٢٥٠ رقم ٣١١٠٤) عن أبي بكر بن عيَّاش، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عمرَ: أنه قَسَمَ المالَ بين عمَّةٍ وخالةٍ.
قال ابن التركماني: هذا سند صحيح متَّصل.
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ٣٦٠): ولم يختلف أهل العراق عن عمرَ أنه ورَّث العمَّة والخالة، واختَلَفوا فيما قَسَمَهُ لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>