للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رواه مسلم بن الحجَّاج في «صحيحه» (١) منفردًا به عن البخاري (٢)، فقال في أوَّل كتاب الإيمان منه: حدثني أبو خيثمة زُهَير بن حرب، ثنا وكيع، عن كَهْمس، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن يحيى بن يَعمَر (ح) وحدثنا عبيد الله بن معاذ العَنْبري، وهذا حديثه: ثنا أبي، ثنا كَهْمس، عن ابن بُرَيدة، عن يحيى بن يَعمَر قال: كان أوَّلَ مَن قال في القَدَر بالبصرة مَعبَدٌ الجُهَني (٣)، فانطلقتُ أنا وحميد بن عبد الرحمن الحِمْيَري حاجَّين أو مُعتَمِرَين، فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عمَّا يقول هؤلاء في القَدَر، فوُفِّقَ لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجدَ، فاكتَنَفتُهُ أنا وصاحبي، / (ق ٣٥٦) أحدُنا عن يمينه، والآخرُ عن شماله، فظننتُ أنَّ صاحبي سَيَكِلُ الكلامَ إليَّ، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنَّه قد ظهر قِبَلَنا ناسٌ يقرأون القرآنَ، ويَتَقفَّرون العلمَ (٤) -وذَكَر من شأنهم-، وأنهم يزعمون ألا قَدَرَ، وأنَّ الأمرَ أُنُفٌ (٥). فقال: إذا لقيتَ أولئك، فأخبِرْهُم أنِّي بريءٌ منهم، وأنهم بُرَآءُ منَّي، والذي يَحِلفُ به عبد الله بن عمر، لو أنَّ لأحدهم مثلَ أُحُدٍ ذهبًا فأنفقَهُ، ما قَبِلَ اللهُ منه حتى يؤمنَ بالقَدَر.


(١) (١/ ٣٦ رقم ٨) (١).
(٢) قال الحافظ في «الفتح» (١/ ١١٥): وإنما لم يخرِّجه البخاري للاختلاف فيه على بعض رواته.
(٣) مَعبَد الجُهَني: قال عنه الذهبي في «ميزان الاعتدال» (٤/ ١٤١ رقم ٨٦٤٦): تابعي، صدوق في نفسه، ولكنه سَنَّ سُنَّة سيِّئة، فكان أول مَن تكلم في القَدَر، ونهى الحسنُ الناسَ عن مجالسته، وقال: هو ضالٌّ مُضِلٌّ.
(٤) أي: يطلبونه ويتتبعونه. قاله النووي في «شرح صحيح مسلم» (١/ ١٥٥).
(٥) أي: مُستأنف، لم يَسبق به قَدَر ولا عِلم من الله تعالى، وإنما يعلمه بعد وقوعه. قاله النووي في «شرح صحيح مسلم» (١/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>