للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا عمُّه الوليد بن عبد الملك فامتدَّت ولايتُه نحوًا من عشر سنين، فعمَّر فيها المسجدَ الجامعَ بدمشق، وزَخْرَفَهُ، وزَيَّنهُ، وتأنَّق فيه جدًّا، ولم يكن بناءٌ على وجه الأرض شرقًا ولا غربًا في زمانه أبهى منه ولا أحسنَ، وصَرَف عليه من بيت مال المسلمين من الذَّهَب مالايُحدُّ كثرةً، مع أنه كان موصوفًا بالشهامة والصَّرامَة، وكان فيه جَبرية.

وقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب «أحكام القبور» (١)، عن عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله: أنه لمَّا أَلحده في قبره شاهَدَ منه أمرًا منكرًا، فيه عظةٌ عظيمةٌ للناس: رَوى أنه حين وَضَعه في اللَّحد جُمِعَت رُكبَتَاه إلى عُنُقِهِ، ورَوى أنه حُوِّل وجهُهُ عن القِبلة.

والذي اشتَهَر من حاله أنه كان من مُلُوك الإسلام، وكانت له مملكةٌ متَّسعةٌ في المشارق والمغارب، ومن أحسن ما روي عنه أنه كان يباشرُ أحوالَ الرَّعيةِ / (ق ٣٩١) بنفسِهِ، ويَصرفُ إلى الزَّمنَي والمرضى والمجذَّمين ما يَكفيهم من بيت المال.

وأحسن من هذا ما روي عنه أنه قال: لولا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قصَّ علينا خبرَ قومِ لوطٍ ما ظننتُ أنَّ ذَكَرًا يَعلو ذَكَرًا!

حديث آخر

(٩٦٣) قال أحمد (٢):

ثنا حسن، ثنا ابن لَهِيعة، ثنا أبو الزُّبير، عن


(١) (ص ١١٨ رقم ١٢٧) عن محمد بن الحسين، عن علي بن حفص، عن سلاَّم الطَّويل، عن عمرو بن ميمون قال: سَمِعتُ عمرَ بن عبد العزيز يقول: فذكره.
وهذا إسناد تالف؛ آفته سلاَّم الطَّويل، وهو: متروك، كما قال الحافظ في «التقريب»، فكان الأولى بالمؤلِّف الإعراض عن مثل هذا الخبر.
(٢) في «مسنده» (١/ ٢٣ رقم ١٥٢) و (٣/ ٣٤٧ رقم ١٤٧٣٥).

وأخرجه -أيضًا- البزار (١/ ٣٥٠ رقم ٢٣٣) والفاكهي في «أخبار مكة» (٢/ ٣٨٥ رقم ١٦٨٩) من طريق بِشر بن عمر. وابن شبَّة في «تاريخ المدينة» (١/ ٢٨٣) من طريق الوليد بن مسلم. وأبو يعلى، كما في «المقصد العلي» (١/ ٢٦٧ رقم ٦١٠) من طريق يحيى بن إسحاق. ثلاثتهم (بِشر بن عمر، والوليد بن مسلم، ويحيى بن إسحاق) عن ابن لَهِيعة، به.
لكن في رواية البزار وابن شبَّة: «سيخرج أهل المدينة».

<<  <  ج: ص:  >  >>