للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وكان أبوه عبد العزيز بن مروان من خيار الأمراء كَرَمًا وشجاعةً ودِينًا، ولم يكن فاسقًا كما زَعَم هذا القائل، وكان نائبًا لأخيه عبد الملك بن مروان على مُلك مصر، وكان قد بعث بابنه إلى الحجاز يتعلَّم العلمَ من الفقهاء بها، وكان قد أدَّبه قبل ذلك على صالح بن كَيسان، فقال عنه صالح لأبيه: ما رأيتُ أحدًا اللهُ أعظمُ في صدره من هذا الغلام.

وقال الإمام مالك: كان عمرُ بن عبد العزيز بالمدينة قبل أن يُستَخلَفَ وهو يُعنىَ بالعلم، ويحفر عنه، ويجالسُ أهلَهُ، ويَصدرُ عن رأي سعيد بن المسيّب، وكان سعيدٌ لا يأتي أحدًا من الأمراء غيرَ عمرَ، أرسَلَ إليه عبد الملك فلم يأته، وأرسَلَ إليه عمرُ فأتاه، وكان عمرُ يكتب إلى سعيد في عِلْمِهِ.

وقال أبو زرعة الدِّمشقي: عن دُحيم، عن ابن وهب، عن عبد الجبار الأَيْلي، عن إبراهيم بن أبي عَبْلة قال: قَدِمْتُ المدينةَ وبها ابنُ المسيّب وغيرُه، وقد بَذَّهم (١) عمرُ يومئذ رأيًا.

(١٠١١) وقال محمد بن سعد (٢): أنا محمد بن عمر، حدثنا عبد الرحمن / (ق ٤٢٥) بن أبي الزِّناد، عن أبيه قال: لما قَدِمَ عمرُ بن عبد العزيز المدينةَ واليًا عليها، كَفَّ حاجبُهُ الناسَ، ثم دخلوا، فسلَّموا عليه، فلمَّا صلَّى الظهرَ دعا عشرةَ نَفَرٍ من فقهاء البلد: عروة بن الزُّبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة، وسليمان بن يَسَار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وخارجة بن زيد


(١) أي: سَبَقَهم وغَلَبَهم. «النهاية» (١/ ١١٠).
(٢) في «الطبقات الكبرى» (٥/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>