للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصمًا. / (ق ٣١) قال: فاجلس مجلسَ الخصومِ. فجَلَسا بين يديه، فقصَّ عليه عمرُ قصتَه. فقال أُبَيّ بن كعب: إنْ شئتُما حدَّثتُكما حديثًا سَمِعتُهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمرُ: حدِّثنا. فقال أُبَيّ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ الله أَوحى إلى داودَ عليه السلام أن ابْنِ لي بيتًا أُذكَرُ فيه، فاختَطَّ داودُ عليه السلام موضعَ بيتِ المقدسِ، فإذا خَطُّه يزِوي تَربيعتَها دارًا لبعض بني إسرائيل، فسأله أن يَخرُجَ له عنها، فيُدخِلُها في المسجدِ، فيُسوَّى تربيعتُه، فأَبَى، فهَمَّ داودُ عليه السلام بأخذها منه، فأوحى اللهُ تعالى إليه: إنِّي أَمَرتُك أن تَبنيَ لي بيتًا أُذكَرُ فيه، فأَردتَ أن تُدخِلَ بيتيَ الغصبَ، وليس من شأني الغصبُ، وإنَّ عقوبتَكَ ألاَّ تَبنيه، فقال: ياربّ، فمِن ذُريتي؟ قال: من ذُريتك، فأَوحى اللهُ إلى سليمانَ عليه السلام فبَنَاه».

فأخذ عمرُ -رضي الله عنه- بمجامع قميص أُبَيّ، فقال: جئتُك بأمرٍ، فما جئتني به أشدَّ منه، لتأتينِّي على هذا ببيِّنة، أو لأفعلنَّ، ولأفعلنَّ، ولأفعلنَّ. فقال أُبَيّ: أَي عمر، أتَّتهمني على حديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هو ما أقول لك. فخَرَج به، حتى أتى به المسجدَ، فإذا فيه حَلقة من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فوَقَفَهُ عليهم، فقال أُبَيّ: أَنشُدُكم اللهَ، أيكم سَمِعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذكُرُ حديثَ داودَ حيثُ أَوحى اللهُ إليه أن يبني بيتَ المقدس؟ وحدَّثهم به. فقال / (ق ٣٢) هذا من ههنا: أنا سَمِعتُهُ، وقال هذا من ههنا: أنا سَمِعتُهُ. فغضب أُبَيّ -رضي الله عنه-، وقال: أي عمر، أتَّتهمني على حديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فأرسَلَه عمر، وقال: يا أبا المنذر، لا والله الذي لا إله إلا هو، ما اتَّهمتُك على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حديثٍ ولا غيرِه، ولكني كرهتُ أن يجترئ (١) على


(١) قوله: «ولكني كرهتُ أن يجترئ» كذا ورد بالأصل. وتقرأ غير ذلك، وأورد هذه القطعة السيوطي في «جامع الأحاديث» (١٣/ ٤٢٥) هكذا: «ولكني كرهتُ أن يكونَ الحديثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ظاهر».
وعند ابن سعد: «ولكني كرهتُ أن يكونَ الحديثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>