وأما الوجه الثاني: فأخرجه إسماعيل القاضي في «فضل الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم» (ص ٩٩ رقم ٥) وابن أبي عاصم في «فضل الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم» (ص ٣٣ رقم ٣٣) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، عن أبي ضَمرة أنس بن عياض، عن سَلَمة بن وَرْدان، عن مالك بن أوس بن الحَدَثان، عن عمرَ رضي الله عنه ... ، فذكره. وأما الوجه الثالث: فأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في «مسند عمر»، كما في «جلاء الأفهام» (ص ١٣٦) من طريق يعقوب بن حميد. والبخاري في «الأدب المفرد» (ص ٢٢٠ رقم ٦٤٢) وأبو بكر الإسماعيلي في «مسند عمر»، كما في «جلاء الأفهام» (ص ١٣٧) من طريق أبي نعيم. كلاهما (يعقوب بن حميد، وأبو نعيم) عن سَلَمة بن وَرْدان، عن أنس بن مالك، ومالك بن أوس كليهما. قلت: ومع اضطراب سَلَمة بن وَرْدان فيه، فقد حسَّنه الحافظ العراقي في «الأربعين العُشَارية» (ص ٢٠٤). وقال ابن القيم في «جلاء الأفهام» (ص ١٣٥): وهذا الحديث يحتمل أن يكون في مسند أنس، وأن يكون في مسند عمر، وجَعْله في مسند عمر أظهر لوجهين: أحدهما: أنَّ سياقه يدل على أنَّ أنسًا لم يحضر القصة، وأن الذي حضرها عمر. والثاني: أن القاضي إسماعيل قال: حدثنا يعقوب بن حميد: حدثني أنس بن عِياض، حدثني مالك بن أوس بن الحَدَثان، عن عمرَ بن الخطاب ... ، فذكره. فإن قيل: فهذا الحديث الثاني علَّة الحديث الأول؛ لأن سَلَمة بن وَرْدان أخبر أنه سَمِعَه من مالك بن أوس بن الحَدَثان، قيل: ليس بعلَّة له، فقد سَمِعَه سَلَمة بن وَرْدان منهما. انتهى كلام ابن القيم. قلت: الأظهر -والله أعلم- أن الحديث منكر؛ لتفرَّد سَلَمة بن وَرْدان به، وقد قال عنه أبو حاتم: ليس بقوي، تدبَّرت حديثَه فوَجَدتُ عامَّتها منكرة، لا يوافِق حديثُه عن أنس حديثَ الثقات إلا في حديث واحد، يُكتب حديثه. وقال ابن عدي: وفي متون بعض ما يَرويه أشياء منكرة، يخالِف سائر الناس. وضعَّفه النسائي، وأبو داود. انظر: «الجرح والتعديل» (٤/ ١٧٤ رقم ٧٦١) و «تهذيب الكمال» (١١/ ٣٢٦) والحديث الذي شُورك فيه سَلَمة بن وَرْدان ذكره أبو حاتم، وأبو زرعة، وهو حديث أنس عن معاذ: «من مات لا يشرك بالله شيئًا».