للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مسلم بن الحجَّاج فأثبت سماع ابن أبي ليلى من عمر في مقدمة كتابه «الصحيح» (١)، فقال: وأسند عبد الرحمن بن ليلى (٢)، وحفظ عن عمر.

ويؤيِّد ما ذهب إليه:

(١٤٨) ما رواه الهيثم بن كُلَيب في «مسنده» (٣) حيث قال: ثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، عن يزيد بن هارون، عن سفيان الثوري، عن زُبيد، عن عبد الرحمن بن ليلى (٤) قال: سَمِعتُ عمرَ بن الخطاب ... ، فذَكَره.

لكن قال الدارقطني (٥): لم يُتابَع يزيد بن هارون على قوله: سَمِعتُ عمرَ.

قلت: يزيد بن هارون أحد أئمَّة الإسلام فيُقبل تفرُّده (٦).


(١) (١/ ٣٤).
(٢) كذا ورد بالأصل. والصواب: «ابن أبي ليلى».
(٣) ليس في القسم المطبوع من «مسنده»، ومن طريقه: أخرجه الضياء في «المختارة» (١/ ٣٤٧ رقم ٢٤٠).
(٤) كذا ورد بالأصل. والصواب: «ابن أبي ليلى»، وكذا جاء على الصواب في «المختارة».
(٥) في «العلل» (٢/ ١١٦).
(٦) هذا هو الأصل، إلا إذا قامت قرينة تدل على خلاف ذلك، وهنا وُجد ما يمنع من قبول هذه الزيادة، إذ في الإسناد إليه مَن هو متكلَّم فيه، ألا وهو عيسى بن أحمد العسقلاني، راوي القصَّة عن يزيد بن هارون، فهو وإن كان ثقة؛ إلا أن له غرائب وإفرادات، كما قال الخليلي. انظر: «تهذيب التهذيب» (٨/ ٢٠٦).

زد على هذا: تصريح الحفاظ بعدم ثبوت سماع ابن أبي ليلى من عمر، ومثل هذا التصريح لا يمكن دفعه إلا بحجة أقوى، وهذا منتفٍ هنا، والرواية التي ساقها المؤلِّف من طريق ابن ماجه وأبي يعلى، وفيها رواية ابن أبي ليلى عن عمرَ بواسطة؛ حجة ظاهرة يستدل بها المحدِّثون في مثل هذه المواضع على عدم ثبوت السماع.
وأما قول الإمام مسلم عن ابن أبي ليلى أنه أسند وحفظ عن عمرَ، فليس صريحًا في إثبات السماع، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>