وقال -أيضًا-: أبو معاوية عنده أحاديث يقلبها عن الأعمش. وسُئل ابن مهدي: مَن أثبت في الأعمش بعد الثوري؟ قال: ما أعدل بوكيع أحدًا، فقال له رجل: يقولون: أبو معاوية؟ فنَفَر من ذلك، وقال: أبو معاوية عنده كذا وكذا وَهمًا. انظر: «شرح علل الترمذي» لابن رجب (٢/ ٥٢٩ - ٥٣٦). قلت: وقد خولف أبو معاوية في هذا الخبر، وذلك فيما ذكره الخليلي من أن باقي الرواة أرسلوه. العلَّة الخامسة: نكارة متنه، قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيميَّة في «اقتضاء الصراط المستقيم» (٢/ ١٩٧): وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجدبوا مرَّات، ودَهَتهم نوائب غير ذلك، فهلاَّ جاؤوا فاستسقوا واستغاثوا عند قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟! وقال الشيخ عبد العزيز بن باز في تعليقه على «فتح الباري» (٢/ ٤٤٥٩): صحتُه ليس بحجَّة على جواز الاستسقاء بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، لأن السائل مجهول، ولأن عمل الصحابة -رضي الله عنهم- على خلافه، وهم أعلم الناس بالشَّرع، ولم يأت أحد منهم إلى قبره يسألُهُ السُّقيا ولا غيرها، بل عدل عمر عنه لمَّا وقع الجدب إلى الاستسقاء بالعباس، ولم يُنكِر ذلك عليه أحدٌ من الصحابة، فعُلِمَ أنَّ ذلك هو الحقُّ، وأنَّ ما فعله ذلك الرَّجل منكر، ووسيلة إلى الشِّرك، بل قد جعله بعض أهل العلم من أنواع الشرك. قلت: وليس في الخبر ما يدلُّ على إخبار الرجل لعمر بصنيعه عند القبر -كما فَهِمَ ذلك بعض القبوريين-، ولو كان الأمر كما فَهِمَ هذا الضال؛ لبادر عمر بالذهاب إلى القبر يسأل السُّقيا، ولكان في غنًى عن الاستسقاء بالعباس. فتأمَّل. العلة السادسة: أنها رؤيا منام، والرؤى لا تُبنى عليها أحكام شرعية، اللهم إلا رؤى الأنبياء، فإنها وحي، كما هو مقرَّر عند أهل العلم. فائدة: قال الدَّميري في «النجم الوهاج في شرح المنهاج» (٣/ ٢٧٤): فرع: قال شخص: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في النوم، وأخبرني أن الليلة أول رمضان!! لا يصح الصوم بهذا لصاحب المنام ولا لغيره بالإجماع، كما قاله القاضي عياض، وذلك لاختلال ضبط الرائي، لا للشك في الرؤية.