قال الحافظ في «التلخيص الحبير» (٢/ ١٦٨): فهذه علَّته، وعبد الرحمن وابن لَهِيعة ليسا من أهل الإتقان، لكن تابَعَهما عمرو بن الحارث أحد الثقات، وتابَعَهما أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب. وقال في «الفتح» (٣/ ٣٤٨): وإسناده صحيح إلى عمرو، وترجمة عمرو قوية على المختار، لكن حيث لا تعارض ... ، ثم ذكر أنه محمول على أنه في مقابلة الحِمَى؛ كما يدل عليه كتاب عمر بن الخطاب. وقال ابن خزيمة: هذا الخبر إن ثَبَت، ففيه ما دلَّ على أنَّ بني شبابة إنما كانوا يؤدُّون من العسل العُشْر لعلَّة، لا لأنَّ العُشْر واجب عليهم في العسل، بل متطوِّعين بالدفع لحِمَاهم الواديين. وقال ابن زَنْجويه (٣/ ١٠٩٥): أحسن ما سمعنا في العسل والزيتون أنه ليس فيهما صدقة، وذلك لأنَّ السُّنَّة قد مضت بأنه لا صدقة إلا في الأصناف الأربعة: الحنطة والشعير والنخل والكَرم، وأنَّ معاذًا وأبا موسى حين بُعثا إلى اليمن لم يأخذا إلا منهما، وأنَّ معاذًا سُئل عن العسل باليمن، وهي من أكثر الأرضين عَسَلاً، فقال: لم أُومَر فيه بشيء. وأنه ليس له ولا للزيتون ذِكر في شيء من الصدقات، وأما حديث عمرو بن شعيب: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ في زمانه من قِرَب العسل من كل عشر قِربات قِربة من أوسطها، وحديث بني شَبَابة: أنهم كانوا يؤدُّون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحل ألف عليهم العُشْر، فليسا بثابتين، ولو كانا ثابتين لم يكن فيهما -أيضًا- حجَّة؛ لأنه قد بين لك أنَّ بني شَبَابة هم الذين كانوا يؤدُّون لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل إنَّ رسولَ الله فرض ذلك عليهم ... ، ومن أبين الحجج وأوضعها (كذا، ولعل الصواب: وأوضحها) في العسل أنه لا صدقة فيه؛ أنا لم نجد في شيء من الآثار أنه ليس فيما دون كذا من العسل صدقة، فإذا بلغ كذا وكذا، ففيه كذا وكذا، كما وَجَدنا في العين، والحرث، والثمار، والماشية، ولم نجد له ذِكرًا في كُتُب الصدقات.