وأما حديث ابن عباس: فأخرجه أبو داود (٢/ ٤١٢ رقم ١٧٤٠) والترمذي (٣/ ١٩٤ رقم ٨٣٢) في الحج، باب ما جاء في مواقيت الإحرام لأهل الآفاق، وأحمد (١/ ٣٤٤) والبيهقي (٥/ ٢٨) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: وقَّت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق العقيق. قال الترمذي: هذا حديث حسن. قلت: تفرَّد به يزيد بن أبي زياد، وقد قال الإمام مسلم في «التمييز» (ص ٢١٥): وأما حديث يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي، عن ابن عباس، فيزيد هو ممَّن قد اتَّقى حديثه الناس، والاحتجاج بخبره إذا تفرَّد، للَّذين (كذا! والصواب: للذي) اعتبروا عليه من سوء الحفظ، والمتون في رواياته التي يَرويها، ومحمد بن عليٍّ لا يُعلَم له سماع من ابن عباس، ولا أنه لقيه، أو رآه. وقال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (٢/ ٥٥٨): إن محمد بن على بن عبد الله بن عباس إنما هو معروف الرواية عن أبيه، عن جدِّه ابن عباس، وبذلك ذُكِرَ في كُتُب الرجال. وممَّا يدل على نكارة حديث يزيد بن أبي زياد: أنَّ حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مروي في «الصحيحين «، وليس فيه ذكر لذات عِرق، فأخرجه البخاري (١٥٢٤) في الحج، باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، ومسلم (١١٨١) في الحج، باب مواقيت الحج والعمرة، من طريق طاوس، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة: ذا الحليفة، ولأَهل الشام: الجحفة، ولأهل نجد: قرن المنازل، ولأهل اليمن: يلملم. قال الإمام مسلم في «التمييز» (ص ٢١٤): فأما الأحاديث التي ذكرناها من قبلُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق ذات عِرق. فليس منها واحد يثبت. وقال الإمام ابن خزيمة في «صحيحه» (٤/ ١٦٠): قد روي في ذات عِرق أنه ميقات أهل العراق أخبار غير ابن جريج، لا يثبت عند أهل الحديث شيء منها. =