وقال البيهقي في «سننه» (٤/ ٣٣٠): وقد رواه محمد بن عبد الله بن عُبيد بن عُمَير، عن محمد بن عبَّاد، إلا أنه أضعف من إبراهيم بن يزيد، ورواه -أيضًا- محمد بن الحجَّاج، عن جرير بن حازم، عن محمد بن عبَّاد، ومحمد بن الحجَّاج: متروك. ولهذا الأثر طرق صحيحة: منها: ما أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٤٤٣) في الحج، باب ما جاء في الطيب في الحج، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٠٠ رقم ١٣٤٩٨) في الحج، باب من كره الطيب عند الإحرام، والطحاوي (٢/ ١٢٦) من طريق نافع، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب: أنَّ عمرَ بن الخطاب وَجَد ريحَ طيبٍ وهو بالشجرة، فقال: ممن ريحُ هذا الطِّيب؟ فقال معاوية بن أبي سفيان: منيِّ يا أميرَ المؤمنين. فقال عمرُ: منك! لعمر الله! فقال معاوية: إنَّ أمَّ حبيبة طيَّبتني يا أميرَ المؤمنين. فقال عمرُ: عزمتُ عليك لتَرجِعنَّ، فَلَتَغسِلنَّه. وهذا إسناد صحيح.
ومنها: ما أخرجه مُسدَّد في «مسنده»، كما في «المطالب العالية» (٢/ ٢٦ رقم ١٢٠٨) عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال: رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على طلحة ثوبين مصبوغين وهو مُحرِم، فقال: ما هذا؟! قال: يا أميرَ المؤمنين، ليس به بأس، إنما هو مِشقٌ. قال: إنكم أيها الرَّهطُ أئمةٌ يَقتدي بكم الناسُ، ولعلَّ الجاهلَ أن لو رآك أن يقول: رأيتُ على طلحةَ ثوبين مصبوغين، فيلبسُ الثيابَ المصبوغةَ في الإحرام، فلا أَعرفنَّ، ما يلبسُ أحدٌ منكم ثوبًا مصبوغًا في الإحرام. قال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (٣/ ١٨٣): رواه مُسدَّد موقوفًا بسند صحيح، وهو أصل في سدِّ الذرائع. وقد اعتذر البيهقي عن نهي عمر -رضي الله عنه- عن الطِّيب للمُحرِم، فقال في «سننه» (٥/ ٣٥): يحتمل أنه لم يبلغه حديث عائشة -رضي الله عنها-، ولو بَلَغه لرجع عنه، ويحتمل أنه كان يكره ذلك كيلا يغترَّ به الجاهل، فيتوهَّم أنَّ ابتداء الطِّيب يجوز للمُحرِم، كما قال لطلحة في الثوب الممشَّق. ويغني عن الشطر الثاني: «الحاجُّ: الشَّعِث التَّفِل»: ما أخرجه أحمد (٢/ ٣٠٥) وابن خزيمة (٤/ ٢٦٣ رقم ٢٨٣٩) وابن حبان (٩/ ١٦٣ رقم ٢٨٥٢ - الإحسان) والحاكم (١/ ٤٦٥) والبيهقي (٥/ ٥٨) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: «إنَّ اللهَ يباهي بأهلِ عرفاتٍ ملائكةَ أهلِ السماءِ، فيقول: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا». قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي. وصحَّحه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترغيب» (٢/ ٢١ رقم ١١٣٢).