محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سُنَينٍ أبي جميلة، عن عمرَ، بنحوه.
قال الأصمعي: الأَبْؤُسُ: جمع البأس، وأصل هذا: أنَّه كان غارٌ فيه ناسٌ فانْهَارَ عليهم، أو قال: فأتاهم فيه عدوٌّ لهم فقتلوهم، فصار مثلاً لكلِّ شيء يُخافُ أن يأتِيَ منه شرٌّ، ثم صُغِّر الغارُ، فقيل: غُوَيرٌ.
وحكى أبو عبيد عن ابن الكلبي: أنَّ الغُويرَ ماءٌ لبني كلب بناحية (١)، وأنَّ أوَّل مَن تكلَّم بهذا المثل الزَّبَّاءُ حين وَجَّهتْ قَصِيرًا في تلك التجارة، فرجع وقد حَمَلَ الرِّجالَ في الصناديق، وقيل: في الغَرَائِرِ، ليأخذَ بثأر جَذِيمَةَ الأَبْرَشِ منها، وسلك في رجوعه إليها غير الطريق المنهج على الغُوَير، فلمَّا بَلَغ الزَّبَّاءَ رجوعُهُ على تلك الطريق التي هي خلاف العادة، قالت:«عَسَى الغُوَيرُ أَبْؤُسًا»، وكان الأمرُ كما ظنَّت.
قال أبو عبيد: وهذا القول أشبه عندي صوابًا من الأوَّل، وإنما أراد عمرُ بهذا المثل أنْ يقولَ للرَّجل: لعلَّكَ أنت صاحبُ هذا المنبوذ، حتى أثنى عليه عَرِيفُهُ.
قال: وجَعَله ولاءً له بسبب أنَّه أنقذه من الموت، أو أنْ يلتقطه أحدٌ فيدَّعي رقبته.
قال: وهذا حُكْمٌ تَرَكه الناس، وصاروا إلى جَعْلِ ولائِهِ للمسلمين وجَرِيرَتِهِ عليهم.
قال: ونَصَبَ أَبْؤُسًا بفعلٍ مُضمَر أو بحذف الجار، تقديره: عَسَى الغُوَير أن يُحدِثَ أَبْؤُسًا، أو يأتِيَ بأَبْؤُسٍ.