للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث آخر

(٤٦٢) قال الإمام أحمد (١): ثنا عفَّان، ثنا حماد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع: أنَّ عمرَ بن الخطاب كان مُستَندًا إلى ابن عباس، وعنده ابنُ عمر وسعيدُ بن زيد، فقال: اعلَموا أني لم أَقُلْ في الكَلاَلةِ (٢) شيئًا، ولم أستَخلِفْ من بعدي أحدًا، وأنَّه من أَدرك وفاتي من سَبْي العربِ فهو حُرٌّ من مال الله. فقال سعيد بن زيد: أَمَا إنَّك لو أَشَرتَ برجلٍ من المسلمين لائْتَمَنَكَ الناسُ، وقد فَعَل ذلك أبو بكرٍ وائْتَمَنَهُ الناسُ. فقال عمرُ: قد رأيتُ من أصحابي حِرصًا سيّئًا، وإني جاعلٌ هذا الأمرَ إلى هؤلاء النَّفَرِ السِّتَة الذين مات رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ. ثم قال عمرُ: لو أَدرَكَني أحدُ رجلين ثم جَعَلتُ هذا الأمرَ إليه لَوَثِقْتُ به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عُبيدة بن الجرَّاح.

هذا الإسناد على شرط السُّنن، ولم يخرِّجوه.

وعلي بن زيد بن جُدعان له غرائب وإفرادات، ولكن له شاهد (٣)، والله أعلم.


(١) في «مسنده» (١/ ٢٠ رقم ١٢٩).
وأخرجه -أيضًا- ابن المنذر في «تفسيره» (٢/ ٥٩٢ رقم ١٤٤١) من طريق يحيى بن آدم، عن حماد، به.
(٢) الكلالة: هو أن يموت الرجل ولا يترك والدًا ولا ولدًا يرثانه، وأصله من تَكلَّه النَّسَب إذا أحاط به. «النهاية» (٤/ ١٩٧).
(٣) يشير إلى: ما أخرجه الطيالسي (١/ ٣٠ رقم ٢٦) وابن سعد (٣/ ٣٥٣) والبلاذُري في «أنساب الأشراف» (ص ٣٦٥) من طريق أبي عَوَانة، عن داود بن عبد الرحمن الأَوْدي، عن حميد بن عبد الرحمن الحِميَري، قال: حدَّثنا ابنُ عباس قال: أنا أولُ الناسِ أتى عمرَ -رضي الله عنه- حين طُعِنَ، فقال: يا ابنَ عباس، احفَظ عني ثلاثًا، فإني أخافُ ألا يُدرِكني الناسُ: إني لم أقضِ في الكلالةِ، ولم أَستَخلِفْ على الناسِ خليفةً، وكلُّ مملوكٍ لي عتيقٌ. فقيل له: استَخلِفْ. فقال: أيُّ ذلك فَعَلتُ فقد فَعَلَهُ مَن هو خيرٌ مني، إنْ استَخلِفْ؛ فقد استَخلَفَ مَن هو خيرٌ مني أبو بكرٍ -رضي الله عنه-، وإنْ أدعِ الناسَ إلى أمرِهِم؛ فقد تَرَكَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ...
وهذا إسناد صحيح، كما قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (٦/ ١٢٩). ...
وقد أخرج مسلم في «صحيحه» (١/ ٣٩٦ رقم ٥٦٧) في المساجد، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كُراثًا أو نحوها، و (٣/ ١٢٣٦ رقم ١٦١٧) في الفرائض، باب ميراث الكلالة، من طريق مَعدان بن أبي طلحة: أنَّ عمرَ بن الخطاب خَطَبَ يومَ الجمعةِ، فذَكَر نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم، وذَكَر أبا بكرٍ، قال: إنِّي رأيتُ دِيكًا نَقَرَني ثلاثَ نَقَراتِ، وإنِّي لا أراه إلا حُضُورَ أجلي، وإنَّ أقوامًا يأمرونني أنْ أَستَخلِفَ، وإنَّ اللهَ لم يكن لِيُضيِّعَ دينَهُ، ولا خلافتَهُ، ولا الذي بَعَث به نبيَّهُ صلى الله عليه وسلم، فإنْ عَجَل بي أمرٌ؛ فالخلافةُ شورى بين هؤلاء السِّتَة، الذين تُوفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ ... ، ثم إنِّي لا أدعُ بعدي شيئًا أهمَّ عندي من الكَلاَلةِ ... الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>