قلت: فتفرُّد مثل هذا عن إمام مشهور، كالثوري، يُعدُّ منكرًا، وقد صحَّح الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٢/ ١٩٦) رواية محمد بن مسلم الطائفي المتَّصلة، اعتمادًا على ورودها عن ابن عيينة من وجه آخر متصلة -وقد سبق بيان ما فيها من علَّة- وعلى رواية الثوري المتصلة من طريق عبد الصمد عنه -وقد سبق بيان ما فيها أيضًا-، فثبت بهذا: أن المحفوظ المرسل، وهو ما رجَّحه العقيلي. (١) في «مسنده» (١/ ١٩٨ رقم ٢٢٩). (٢) لكن له علَّة، فقد ذكر أبو يعلى عقب روايته لهذا الحديث عن شيخه أبي هشام الرِّفاعي أنه قال: هو خطأ. قلت: وهذا الذي قاله أبو هشام الرِّفاعي هو الصواب، ووجه صوابه: أنَّ عبد الله بن بُدَيل راويه عن الزهري صدوق يخطئ، فروايته منكرة، لاسيَّما وقد خالَفَه ثقات أصحاب الزهري المتقنين الذين رَوَوه عنه، فجعلوه من مسند ابن عمر، وهم: مالك، ويونس، وابن عيينة، وصالح بن كَيسان، وعُقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة. انظر رواياتهم عند البخاري (٦/ ٦٠ رقم ٢٨٥٨) في الجهاد، باب ما يُذكر من شؤم الفرس، و (٩/ ١٣٧ رقم ٥٠٩٣) في النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة ... ، و (١٠/ ٢١٢ رقم ٥٧٥٣) في الطب، باب الطيرة، ومسلم (٤/ ١٧٤٦ رقم ٢٢٢٥) (١١٥) (١١٦) في السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم. وقد خفيت علَّة هذه الرواية على الأستاذ حسين أسد في تحقيقه لـ «مسند أبي يعلى»، فحسَّن رواية عمر، وساق لها شاهدًا من حديث ابن عمر! والواقع أنهما حديث واحد، اختُلف في صحابيه.