وقول عمر هذا: أخرجه مسلم في «صحيحه» (٢/ ١١١٨ رقم ١٤٨٠) (٤٦) في الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، من طريق أبي إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدَّث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سُكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كفًّا من حصى، فحَصَبه به، فقال: ويلك! تحدِّث بمثل هذا! قال عمرُ: لا نترك كتاب الله، وسُنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم لقول امرأةٍ، لا ندري لعلَّها حَفِظتْ أو نَسِيتْ، لها السُّكنى والنَّفقةَ، قال الله عزَّ وجلَّ: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}. وقد أعلَّ هذا الخبرَ الإمامُ أحمد، فقال أبو داود: قلت لأحمد: تذهب إلى حديث فاطمة ابنة قيس طلَّقها زوجها؟ قال: نعم، فذُكِرَ له قول عمرَ: لا نَدَعُ كتابً ربِّنا وسنَّةً نبيِّنا، فقال: كتابُ ربِّنا أيُّ شيء هو؟! قال الرجل: {أسكنوهن من حيث سكنتم} قال: هذا لمن يملك الرَّجعة. قال أبو داود: قلت: يصحُّ هذا الحديث عن عمرَ؟ قال: لا. وقال ابن هانئ: قال أحمد: حديث فاطمة إنما هو حُكم فيها، لا في غيرها، وإنما تكون السُّكنى والنفقة على من يملك الرجعة، أما المطلقة ثلاثًا فلا سُكنى ولا نفقة.
انظر: «مسائل الإمام أحمد» (ص ٢٥٢ رقم ١٢١٣ - رواية أبي داود) و (١/ ٢٤٦ - رواية ابن هانئ). (٢) يعني: في كتابه «جامع المسانيد والسُّنن»، ومسانيد النساء ليس في المطبوع. (٣) أخرجه مسلم (٢/ ١١١٤ رقم ١٤٨٠) (٣٧) في الموضع السابق، من حديث فاطمة -رضي الله عنها-: أنَّه طلَّقها زوجُها في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان أَنفَقَ عليها نفقةَ دُونٍ، فلمَّا رأت ذلك، قالت: والله لأُعلِمنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان لي نفقةٌ أخذتُ الذي يُصلِحني، وإن لم تكن لي نفقةٌ؛ لم آخذْ منه شيئًا. قالت: فذَكَرتُ ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا نفقةَ لكِ ولا سُكنى.