وهذا الأثر يَرويه أشعث، ومع ضعفه، فقد اضطرب فيه: فقيل: عنه، عن الشَّعبي، عن مسروق، عن عمرَ! وقيل: عنه، عن الشَّعبي، عن عمرَ. ليس فيه مسروق! أما الوجه الأول: فأخرجه البيهقي في «سننه» (٧/ ٤٤٢) من طريق الثوري وهشيم. وابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ٤٧٩) من طريق ابن المبارك. ثلاثتهم (الثوري، وهشيم، وابن المبارك) عن أشعث بن سوَّار، عن الشعبي، به. وأما الوجه الثاني: فأخرجه البيهقي (٧/ ٤٤٢) من طريق أسباط بن محمد، عن أشعث، عن الشعبي قال: أُتي عمرُ بن الخطاب -رضي الله عنه- بامرأة تزوَّجت في عدَّتها، فأخذ مهرَها فجعله في بيت المال، وفرَّق بينهما، وقال: لا يجتمعان، وعاقبَهما. قال: فقال عليٌّ رضي الله عنه: ليس هكذا، ولكن هذه الجهالةُ من الناس، ولكن يُفرَّق بينهما، ثم تَستكملُ بقيَّةَ العدَّةِ من الأول، ثم تستقبلُ عدَّةً أخرى، وجعل لها عليٌّ -رضي الله عنه- المهر بما استحلَّ من فَرْجها. قال: فحَمِدَ اللهَ عمرُ -رضي الله عنه- وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناسُ، ردُّوا الجهالاتِ إلى السُّنة. قلت: مداره على أشعث، وهو ضعيف، كما قال الحافظ في «التقريب»، وقد أعلَّه الدارقطني في «الأفراد»، كما في «أطرافه» لابن طاهر (١/ ١٤٨) بتفرُّد أشعث بن سوَّار. لكن له طريق أخرى صحيحة: أخرجها البيهقي (٧/ ٤٤١) من طريق هاشم بن القاسم، عن شعبة، عن إسماعيل، عن الشعبي، عن مسروق قال: قال عمرُ -رضي الله عنه- في امرأة تزوَّجت في عدَّتها، قال: النكاحُ حرامٌ، والصداقُ حرامٌ، وجَعَلَ الصداقَ في بيت المال، وقال: لا يجتمعانِ ما عاشا.
وأخرج ابن حزم في «المحلى» (٩/ ٤٨٠) من طريق أبي عبيد القاسم بن سلاَّم، نا يزيد (وهو: ابن هارون). والبيهقي (٧/ ٤٤١) من طريق عبد الوهاب بن عطاء. كلاهما (يزيد، وعبد الوهاب) عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، أو عن عبيد بن نضلة، عن مسروق -شك داود في أحدهما- وقال: رُفع إلى عمرَ امرأةٌ نكحت في عدَّتها، فقال: لو أنكما علمتُما لَرَجمتُكما، فضَرَبَهما أسواطًا، وفرَّق بينهما، وجعل المهرَ في سبيل الله عزَّ وجلَّ، وقال: لا أُجيزُ مهرًا، لا أُجيزُ نكاحَهُ. قال ابن حزم: عبيد بن نضلة إمام ثقة، ومسروق كذلك، فلانبالي عن أيهما رواه، وقد ثَبَت داود بن أبي هند على أنه عن أحدهما بلا شك.