للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر آخر في معناه

(٦١٨) قال أحمد بن منصور الرَّمادي (١): ثنا عبد الله بن صالح، حدثني اللَّيث (٢) قال: أُتي عمرُ بن الخطاب يومًا بفتًى أمرد، قد وُجِدَ قتيلاً، مُلقًى على وجهِ الطريقِ، فسأل عمرُ عن أمرِهِ واجتَهَدَ، فلم يَقفْ له على خبرٍ، ولم يَعرفْ له قاتلاً، فشقَّ ذلك على عمرَ، وقال: اللهمَّ اظفِرني بقاتلِهِ، حتى إذا كان رأسُ الحَوْلِ، أو قريبٌ من ذلك، وُجِدَ صبيٌّ مولودٌ مُلقًى بموضعِ القتيلِ، فأُتِيَ به عمرُ -رضي الله عنه-، فقال: ظَفَرتُ بدمِ القتيلِ -إن شاء الله-، فدَفَع الصَّبيَّ إلى امرأةٍ، وقال لها: قومي بشأنِهِ، وخُذي منَّا نفقةً، وانظري مَن يأخذُهُ منكِ، فإذا وَجَدتِ امرأةً تُقبِّله وتضُمُّه إلى صدرِها، فأَعلميني بمكانها. فلمَّا شَبَّ الصبيُّ جاءت جاريةٌ، فقالت للمرأة: إنَّ سيِّدتي بعثتني إليكِ، أنْ تبعثي بالصَّبيِّ لِتَرَاهُ وتَردُّهُ إليكِ، فقالت: نعم، اذهبي به إليها، وأنا معك، فذَهَبت بالصَّبيِّ والمرأةَ معها، حتى دَخَلتْ على سيِّدتها، فلمَّا رأتْهُ أخذتُهُ فَقَبَّلتْهُ، وضَمَّتْهُ إليها، فإذا ابنةُ شيخٍ من الأنصار من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأَخَبَرتْ عمرَ خبرَ المرأةِ، فاشتَمَلَ على سيفِهِ، ثم أَقبَلَ إلى منزلها، فوَجَد أباها مُتكِئًا على بابِ دارِهِ، فقال: يا فلانُ، ما فَعَلتْ ابنتُكَ فلانةٌ؟ قال: يا أميرَ المؤمنين، جَزَاها اللهُ خيرًا، هي من أعرفِ الناسِ لحقِّ اللهِ، وحقِّ أبيها، مع حُسْنِ صلاتِها، والقيامِ بدينِها. فقال عمرُ: قد أَحبَبتُ أنْ أَدخُلَ إليها وأَزيدَها رغبةً في الخير، وأَحُثَّها على ذلك.

فقال: جَزَاك اللهُ خيرًا يا أميرَ المؤمنين، امكُثْ مكانَكَ حتى أرجعَ إليكَ، فاستأذَنَ لعمرَ، فلمَّا دخلَ أَمَرَ عمرُ كلَّ


(١) ومن طريقه: أخرجه أبو محمد السرَّاج في «مصارع العشاق» (ص ٧٢).
(٢) ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين الليث وعمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>