وقال في «النكت الظِّراف» (٨/ ٨٨) تجوَّز في قوله: «سَمِعتُ أبي»، فأطلق على جدِّه؛ لأنه أبًا (كذا). وفي كلام الحافظ -رحمه الله- أمور: الأمر الأول: من أين لنا أن رواية ابن حبان والحاكم لراو عن شيخه تقتضي صحة سماعه منه؟ الأمر الثاني: تصريح الأئمَّة بعدم ثبوت سماعه منه، يجعلنا نتريَّث في قبول هذه الرواية الواردة عند الطبري، لا سيَّما وفي إسنادها يحيى بن أيوب، وهو متكلَّم في حفظه، فوثَّقه البخاري وابن معين وإبراهيم الحربي، وقال أحمد: سيَّئ الحفظ. وقال السَّاجي: صدوق يَهِم، وكان أحمد يقول: يحيى بن أيوب يخطئ خطأً كثيرًا. وقال ابن سعد: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: محل يحيى الصِّدق، يُكتب حديثه ولا يُحتج به. انظر: «الجرح والتعديل» (٩/ ١٢٧ رقم ٥٤٢) و «التهذيب» (١١/ ١٨٦). ولخَّص حاله الحافظ نفسه في «التقريب»، فقال: صدوق، ربمَّا أخطأ.
الأمر الثالث: صرَّح الإمام ابن معين -أيضًا- بعدم سماعه من عمر -رضي الله عنه-، وحَكَم على هذه الرواية بالإرسال، والذي نقل قول ابن معين هو الدكتور مساعد بن راشد الحميِّد في تحقيقه لكتاب «الجهاد» لابن أبي عاصم (١/ ٣٠٢) من مصدر عزيز جدًّا، فانظره بنفسك. فنحن الآن أمام إمامين من أئمَّة النقد حَكَما على رواية بالإرسال، فلا يسعنا في هذه الحال إلا التسليم لقولهما؛ لعدم المعارِض. وقد قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على «مسند الإمام أحمد» (١/ ٢١١): وقد أشار الحافظ في «التهذيب» (٧/ ١٣٠) إلى هذا الحديث، وكاد يميل إلى أنه موصول، ولكن في هذا تكلَّف كثير. (٢) ومن طريقه: أخرجه الفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (١/ ٤٢٢) وأبو يعلى في «معجمه» (ص ٣٣٥ رقم ٣١٥) وابن حبان (١٠/ ٤٩٠ رقم ٤٦٣٢ - الإحسان) =