للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر آخر

(٦٤٩) قال البخاري في كتاب المغازي (١): حدثني إسماعيل بن عبد الله، حدثني مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: خَرَجتُ مع عمرَ بن الخطاب إلى السُّوق، فلَحِقَتْ عمرَ امرأةٌ شابَّةٌ، فقالت: يا أميرَ المؤمنين، هَلَك زوجي، وترك صِبيةً صغارًا، والله ما يُنضِجونَ كُراعًا (٢)، ولا لهم زرعٌ، ولا ضَرعٌ، وخَشِيتُ أنْ تأكلَهم الضَّبُع، وأنا ابنةُ خُفَاف بن إيماء بن رَحضة الغفاري، وقد شَهِدَ أبي الحديبيةَ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم. فوقف معها عمرُ، ولم يمضِ، ثم قال: مرحبًا بنَسَبٍ قريبٍ، ثم انصرَفَ إلى بعيرٍ ظَهيرٍ، كان مربوطًا في الدَّار، فحمل عليه غِرارتين ملأهما طعامًا، وحَمَلَ بينهما نفقةً وثيابًا، ثم ناولها بخطامِهِ، ثم قال: اقْتَادِيهِ، فلن يَفنى حتى يأتيكِ اللهُ بخيرٍ. فقال رجل: يا أميرَ المؤمنين، أَكثَرتَ لها. فقال عمرُ رضي الله عنه: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، والله إنَّي لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصَرَا حِصنًا زمانًا، فافتَتَحَاهُ، ثم أصبحنا نَستَفِيء سُهمانَهُما فيه.

انفرد به البخاري.

وقولها: وخَشِيتُ أنْ تأكلَهم الضَّبُعُ: أي يَهلَكوا في هذه السَّنَةِ المَحلِ، فإنَّ السَّنةَ المُمحِلَةَ تسمَّى الضَّبُعُ لغةً.


(١) من «صحيحه» (٧/ ٤٤٥ رقم ٤١٦٠، ٤١٦١ - فتح) في المغازي، باب غزوة الحديبية.
(٢) الكُراع: بضم الكاف، هو ما دون الكعب من الشَّاة. قال الخطابي: معناه أنهم لا يَكفُون أنفسهم معالجة ما يأكلونه، ويحتمل أن يكونَ المراد لا كُرَاع لهم فيُنضجونه. انظر: «الفتح» (٧/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>