للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر آخر

(٦٥٧) قال سيف بن عمر التَّميمي (١)، عن عبد الملك بن عُمَير قال: أصاب المسلمون يوم المدائن بُهار كِسرى (٢)، ثَقُلَ عليهم أن يذهبوا به، وكانوا يعدُّونه للشتاء إذا ذهبت الرَّياحين، / (ق ٢٤٢) وكانوا إذا أرادوا الشُّرب شربوا عليه، فكأنَّهم في رياض بِسَاط واحد ستين في ستين، أرضه بذَهَب، ووَشْيه بفصوص، وثمره بجوهر، ووَرقه بحرير وماء ذهب، فلمَّا قَسَمَ سعد فَيئهم فضل عنهم، ولم يَتَّفِق قَسمُهُ، فجمع سعد المسلمين، فقال: إنَّ اللهَ قد ملأ أيديكم، وقد عَسُرَ قَسمُ هذا البِساط، ولا يقوى على شرائه أحد، وأرى أن تطيبوا به أَنفُسًا لأمير المؤمنين، يَضَعُهُ حيث شاء. ففعلوا.

فلمَّا قَدِمَ على عمرَ بالمدينة رأى رؤيا، فجمع الناسَ، فحَمِدَ اللهَ، وأَثنى عليه، واستشارهم في البِساط، وأَخبَرَهم خبرَه، فمن بين مُشير بقبضه، وآخر مُفوِّض إليه، وآخر مُرقِّق. فقام عليٌّ -رضي الله عنه- حين رأى عمرَ يأبى حتى انتهى إليه، فقال: لم تجعل علمَكَ جَهلاً! ويقينَكَ شكًّا! إنَّه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيتَ فأمضيتَ، أو لَبِستَ فأبليتَ، أو أكلتَ فأفنيتَ. فقال: صدقتني. فقطَّعه، فقَسَمه بين الناس، فأصاب عليًّا -رضي الله عنه- قطعةً منه، فباعها بعشرين ألفًا، وما هي بأجودَ تلك القطع.

هذا أثر مشهور، وإسناده ههنا فيه انقطاع.


(١) ومن طريقه: أخرجه الطبري في «تاريخه» (٤/ ٢٢) وابن الجوزي في «المنتظم» (٤/ ٢١٠).
(٢) بُهار كسرى: أي: بِساطه، كما يدل عليه السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>