للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحمد بن الحجَّاج الخَوْلاني، عن عروة بن رُويم اللَّخمي قال: كَتَب عمرُ بن الخطاب إلى أبي عُبيدة بن الجرَّاح كتابًا، فقرأه على الناس بالجابِيَة (١): أمَّا بعدُ، فإنَّه لم يُقِمْ أمرَ اللهِ في الناس إلا حصيفَ العُقدةِ (٢)، بعيدَ الغِرَّةِ (٣)، ولا يَطَّلع الناسُ منه على عَورة، ولا يحنقُ في الحق على جرأة (٤)، ولا يخافُ في الله لومةَ لائمٍ، والسَّلام عليك.

وكَتَب عمرُ إلى أبي عُبيدة: أمَّا بعدُ، فإنِّي كَتَبتُ إليك بكتابٍ لم آلُكَ ونفسي (٥) فيه خيرًا، الزم خمسَ خلالٍ (٦) يَسلَمُ لك دينُك، وتحظى بأفضلَ حظِّك: إذا حضرك الخصمان فعليك بالبيِّنات العُدُول، والأيمان القاطعة، ثم أدنِ الضعيفَ حتى ينبسطَ لسانُه، ويجترئَ قلبُه، وتعاهدِ الغريبَ، فإنَّه إذا طال مقامُهُ ترك حاجتَه وانصرف إلى أهله، فإذا الذي أبطل حقَّه مَن لم


(١) الجابية: قرية من أعمال دمشق. «معجم البلدان» (٢/ ٩١).
(٢) أي: المحكم العقل. وإحصاف الأمر: إحكامه، والعقدة ههنا: الرأي والتدبير. «النهاية» (١/ ٣٩٦).
(٣) أي: مَن بَعُدَ حفظه لغفلة المسلمين. «النهاية» (٣/ ٣٥٥).
(٤) كذا ورد بالأصل. وعند ابن أبي الدُّنيا: «جِرَّة»، والجِرَّة: ما يخرجه البعير من جوفه ويمضغه، والإحناق: لحوق البطن والتصاقه، وأصل ذلك في البعير أن يقذف بجِرَّته، وإنما وضع موضع الكظم من حيث أنَّ الاجترار ينفخ البطن، والكظم بخلافه، يقال: ما يَحنَقُ فلان وما يكظم على جِرَّة: إذا لم يَنطوِ على حقد ودَغَل. قاله ابن الأثير في «النهاية» (١/ ٤٥١):
(٥) أي: لم أُقصِّر في أمرك وأمري. «النهاية» (١/ ٦٣).
(٦) كَتَب المؤلِّف فوقها: «خصال»، ولم يضرب على ما تحتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>