للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم هارون، وظلل الغمام الجبل (١) كله، ثم دنا منه موسى فأمره الله أن يقطع الألواح من صخرة صماء فقطعها، وكتب الله فيها التوراة بيد القدرة (٢)، وكان موسى يسمع جريان القلم، فحدث نفسه بالرؤية لله ﷿ ﴿قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ (٣) فأنت الحنان المنان ذو الفضل والإحسان متفضل عليّ بكرمك فلا تحرمني النظر إلى وجهك الكريم، يا ذا الجلال والإكرام فأوحى الله إليه: يا موسى سألت شيئا لم يسأله أحد من خلقي فهل تستطيع ذلك يا موسى؟ فإنه لا يراني أحد من خلقه إلا خر صعقا، فقال موسى: يا رب أراك وأموت أحب إليّ من أن لا أراك وأحيا.

فأوحى الله إليه: ﴿لَنْ تَرانِي وَلكِنِ اُنْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اِسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً﴾ (٤)، لا يعقل من أمره شيئا، ثم أزال الله خوفه فذلك قوله تعالى: ﴿صَعِقاً فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (١٤٣) (٥)، معناه: أنا أول المصدقين بأنه لا يراك أحد في الدنيا.

ثم أوحى الله إليه: ﴿قالَ يا مُوسى إِنِّي اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ (١٤٤) (٦). ثم أوحى الله إليه: ﴿قالَ فَإِنّا قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ﴾ (٨٥)، بعبادة العجل، ﴿فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً﴾ (٧)، واشتد غضبه عليهم وقال: ﴿بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي﴾ (٨).

ثم ألقى الألواح وعمد إلى أخيه هارون، وأخذ بلحيته وبرأسه (٩) وقال له: لم لا تبعتني لما رأيتهم ضلوا، أفعصيت أمري؟ فبكى هارون وقال: ﴿قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي﴾ (١٠)، وارفق (١١) بي فإني أكبر منك سنا ﴿إِنَّ الْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا﴾


(١) الجبل أ ج د هـ: ذلك الجبل.
(٢) القدرة أ ب: قدرته ج د هـ.
(٣) الأعراف: [١٤٣].
(٤) الأعراف: [١٤٣].
(٥) الأعراف: [١٤٣].
(٦) الأعراف: [١٤٤].
(٧) طه: [٨٥ - ٨٦].
(٨) الأعراف: [١٥٠].
(٩) وبرأسه أ: - ب ج د هـ.
(١٠) طه: [٩٤].
(١١) وارفق أ ج د هـ: فارفق ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>