للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم، عظم ذلك على الأغنياء (١) وأذاعوا القبيح حتى شكوا وشككوا فيه الناس، فوقعت فيه الفتنة في قلوب المرتدين، قال قائلهم: يا روح الله وكلمته إن المائدة لحق أنها تنزل من عند الله، قال عيسى: ويحكم هلكتم إن لم يرحمكم الله.

فأوحى الله إلى عيسى: إني آخذ بشرطي (٢) من المكذبين قد اشترطت عليهم إني معذب من كفر منهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين بعد نزولها، قال عيسى:

﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (١١٨) (٣) فمسخ الله منهم ثلاثمائة وثلاثين خنازير (٤) من ليلتهم، فأصبحوا يأكلون القذرات في الحشوش، ويتبعون ما في الكناسة والطرق، وكانوا قد باتوا أول الليل على فرشهم (٥) عند نسائهم في ديارهم بأحسن صورة، وأوسع رزق، فأصبح الناس يفرون إلى عيسى فزعا وخوفا من عقوبة الله تعالى، وعيسى يبكي عليهم ويبكون معه عليهم.

وجاءت الخنازير بين يديه تسعى إليه حين أبصرته (٦) ينظرون إليه، ويمشون (٧) ويشمون ريحه ويسجدون له وأعينهم تسيل دموعا لا يستطيعون الكلام، ثم قام عيسى يناديهم بأسمائهم فيقول: يا فلان فيقول برأسه نعم، يا فلان ابن فلان، قد كنت خوفتكم عذاب الله وعقوبته، وكأني (٨) قد كنت أنظر إليكم ممثلا بكم في غير صوركم.

قال الله تعالى لمحمد، : ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ﴾ (٩)، وقال الله تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ﴾ [٣٩/ ب] ﴿داوُدَ وَعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ﴾ (٧٨) (١٠).

فسأل عيسى، ، ربه أن يميتهم (١١)، فأماتهم بعد ثلاثة أيام، فما


(١) ينظر: ابن كثير، تفسير ٢/ ١١٩.
(٢) بشرطي ب ج هـ: بشرط أ: - د.
(٣) المائدة: ١١٨.
(٤) ينظر: الثعلبي ٢٢٤؛ ابن الأثير، الكامل ١/ ١٨١؛ ابن كثير، تفسير ٢/ ١١٩.
(٥) فرشهم أ ج هـ: فراشهم ب: - د.
(٦) حين أبصرته أ ج د هـ: حتى أبصرته ب.
(٧) ويمشون أ ج: - ب د هـ ريحه أ ج هـ: رائحته ب: - د دموعا أ ب: بالدموع ج: من الدموع هـ: - د.
(٨) وكأني أ ب: فكأني ج هـ: - د.
(٩) الرعد: [٦].
(١٠) المائدة: [٧٨].
(١١) يميتهم ب ج هـ: يمتهم أ: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>