للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعادته وملكه (١) ﴿وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ﴾ (٢) فإن نور الدين لما أمره بالمسير مع عمه شيركوه، وكان شيركوه قد قال له (٣) بحضرة نور الدين: تجهز يا يوسف، فقال: والله لو أعطيت ملك مصر ما سرت إليها، فلقد قاسيت بالإسكندرية ما لا أنساه أبدا. فقال شيركوه لنور الدين: لا بد من مسيره معي، فأمره نور الدين وهو يستقبل، فقال نور الدين: لا بد من مسيرك مع عمك فشكى الضائقة (٤)، فأعطاه ما تجهز به فكأنما يساق إلى الموت.

ولما قرب شيركوه من مصر رحل الفرنج من ديار مصر على أعقابهم إلى بلادهم، فكان هذا المصير فتحا جديدا.

ووصل أسد الدين شيركوه إلى القاهرة في رابع ربيع الآخر، واجتمع بالعاضد وخلع عليه وعاد إلى خيامه بالخلعة العاضدية، وشرع شاور يماطل شيركوه فيما كان بذله لنور الدين من تقرير المال وإفراد ثلث البلاد له، ومع ذلك فكان شاور يركب كل يوم إلى أسد الدين شيركوه ويعده ويمنيه ﴿وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً﴾ (١٢٠) (٥).

ثم إن شاور عزم على أن يعمل دعوة لشيركوه وأمرائه ويقبض عليهم، فمنعه ابنه الكامل بن شاور من ذلك (٦). ولما رأى عسكر نور الدين من شاور ذلك عزموا (٧) على الفتك بشاور، واتفق على ذلك صلاح الدين يوسف بن أيوب ومن معه من الأمراء وعرفوا شيركوه بذلك فنهاهم عنه.

واتفق أن شاور قصد شيركوه على عادته فلم يجده في المخيم، وكان قد مضى لزيارة قبر الشافعي، ، فلقي صلاح الدين شاور، وأعلمه برواح (٨) شيركوه إلى زيارة الشافعي، فساروا ومن معهما جميعا إلى شيركوه، فوثب صلاح الدين ومن معه على شاور وألقوه على الأرض عن فرسه، وأمسكوه (٩) في سابع عشر ربيع الآخر سنة ٥٦٤ هـ. فهرب أصحابه عنه وأعلموا شيركوه بما فعلوه فحضر ولم يمكنه الإتمام لذلك.


(١) ينظر: ابن شداد ٣١؛ ابن أيوب ٢٤١.
(٢) البقرة: [٢١٦].
(٣) له أ ج هـ: - ب د أعطيت أ: أعطيتني ب ج هـ: - د.
(٤) الضائقة أ ج هـ: الضيقة ب: - د.
(٥) النساء: [١٢٠].
(٦) ينظر: ابن أيوب ٢٤٢.
(٧) عزموا على الفتك بشاور أ ب ج: - د هـ.
(٨) برواح شيركوه أ ب ج: برواحه هـ: - د.
(٩) ينظر: ابن شداد ٣٢؛ ابن أيوب ٢٤٢؛ أبو شامة، الروضتين ١/ ١٧٢؛ ابن الأثير، التاريخ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>