للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمع العاضد الخبر فأرسل إلى شيركوه يطلب منه إنفاذ رأس شاور فقتله (١)، وأرسل رأسه إلى العاضد، ودخل بعد ذلك شيركوه إلى القصر عند العاضد، فخلع عليه خلعة الوزارة ولقبه الملك المنصور أمير الجيوش، واستقر في الأمر وكتب له منشورا بالوزارة وتفويض أمور الخلافة إليه.

ولما لم يبق له منازع أتاه أجله: ﴿حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ (٤٤) (٢)، وتوفي في يوم السبت الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة ٥٦٤ هـ (٣)، فكانت ولايته شهرين وخمسة أيام وهي ابتداء الدولة الأيوبية، وكان شيركوه وأيوب ابني شادي من بلد دوين (٤)، وأصلهما من الأكراد، وخدما عماد الدين زنكي (٥)، ثم ولده نور الدين محمود، وبقيا معه إلى أن أرسل شيركوه إلى مصر مرة بعد أخرى حتى ملكها. وتوفي في هذه السنة، على ما ذكرناه.

ولما توفي شيركوه طلب جماعة من الأمراء النورية التقدم على العسكر وولاية الوزارة العاضدية، فأحضر العاضد صلاح الدين وولاه الوزارة ولقبه الملك الناصر (٦)، وثبت قدمه على أنه نائب لنور الدين يخطب له على المنابر بالديار المصرية، وكان نور الدين يكتب لصلاح الدين الاسفهسلار (٧)، ويكتب علامته على رأس الكتاب تعظيما على أن (٨) يكتب اسمه، وكان لا يفرده بكتاب بل إلى الأمير صلاح الدين وكافة الأمراء بالديار المصرية، يفعلون كذا وكذا (٩).

ثم أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أباه أيوب وأهله ليتم به السرور


(١) ينظر: ابن الأثير، التاريخ ١٤١.
(٢) الأنعام: [٤٤].
(٣) ٥٦٤ هـ/ ١١٦٨ م.
(٤) دوين: بلدة من نواي أران في آخر حدود أذربيجان بقرب من تفليس، منها ملوك الشام بني أيوب، ينظر: ياقوت، معجم البلدان ٢/ ٤٩١.
(٥) عماد الدين زنكي: صاحب الموصل وحلب ويعرف أبوه بالحاجب قسيم الدولة أق سنقر التركي، ولي بغداد في آخر دولة المستظهر بالله، ثم نقل إلى الموصل، كان فارسا شجاعا، ملك الموصل وحلب وحماة وحمص وبعلبك والرها، قتله بعض غلمانه وهو نائم سنة ٥٤١ هـ/ ١١٤٥ م، ينظر: ابن الجوزي، المنتظم ١٨/ ٤٨؛ ابن الأثير، الكامل ٩/ ١٣؛ أبو شامة، الروضتين ١/ ٤٢.
(٦) ينظر: ابن الأثير، التاريخ ١٤٢؛ ابن شداد ٣٢؛ ابن أيوب ٢٤٤؛ أبو شامة، الروضتين ١/ ١٦١؛ المقريزي، السلوك ١/ ١٥٠.
(٧) الاسفهسلار: لفظ مركب من مقطعين، أسفه أو معناه «المقدم»، سلار، وهو تركي ومعناه العسكر ومعنى اللفظ: مقدم العسكر، ينظر: القلقنشدي، صبح ٦/ ٧ - ٨؛ عاشور ٤١١.
(٨) على أن أ: عن أ ب ج هـ: - د.
(٩) ينظر: أبو شامة، الروضتين ١/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>