للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الناس: أبشروا برضوان الله الذي هو الغاية القصوى والدرجة العليا، لما يسره الله على أيديكم من استرداد (١) هذه الضالة من الأمة الضالة، وردها إلى مقرها من الإسلام بعد ابتذالها في أيدي المشركين قريبا من مائة عام، وتطهير هذا البيت الذي أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه، وإماطة الشرك عن طرقه بعد أن امتد عليها رواقه، واستقر فيها رسمه ورفع قواعده بالتوحيد فإنه بنى عليه، وشيد بنيانه بالتمجيد فإنه أسس على التقوى من خلفه، ومن بين يديه، فهو موطن أبيكم إبراهيم ومعراج نبيكم، ، وقبلتكم التي كنتم تصلون إليها في ابتداء الإسلام فهو (٢) مقر الأنبياء، ومقصد الأولياء، ومدفن الرسل، ومهبط الوحي، ومنزل ينزل به الأمر والنهي، وهو أرض المحشر، وصعيد المنشر، وهو في الأرض المقدسة التي ذكرها الله في كتابه المبين، وهو المسجد الأقصى الذي صلى فيه رسول الله، (٣)، بالملائكة المقربين، وهو البلد الذي بعث الله إليه عبده ورسوله وكلمته التي ألقاها إلى مريم وروحه عيسى الذي أكرمه الله برسالته وشرفه بنبوته، ولم يزحزحه عن رتبة عبوديته، فقال تعالى: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ (٤) كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا: ﴿مَا اِتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمّا يَصِفُونَ (٩١)﴾ ﴿عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (٩٢)(٥)، ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ اِبْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ اِبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)(٦).

وهو أول القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه، ولا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه، فلولا أنكم ممن اختاره الله من عباده واصطفاكم (٧) من سكان بلاده، لما خصكم بهذه الفضيلة التي لا يجاريكم فيها مجار، ولا يباريكم في شرفها مبار، وطوبى (٨) لكم من جيش ظهرت


(١) استرداد هذه الضالة من الأمة الضالة ب ج هـ: - أ د.
(٢) فهو أ ج: وهو ب هـ: - د.
(٣) أ: ب ج هـ: - د.
(٤) النساء: [١٧٢].
(٥) المؤمنون: [٩١ - ٩٢].
(٦) المائدة: [١٨].
(٧) واصطفاكم ب: واصطفاه أ ج هـ: - د.
(٨) وطوبى أ: فطوبي ب ج هـ: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>