للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تنزه عن القضاء وتوجه إلى القاهرة، وفوض إليه والده مشيخة المؤيدية، واستقر ولده قاضي القضاة ناصر الدين هبة الله عن أبيه في قضاء القدس الشريف، فلما توفي والده قاضي القضاة سعد الدين في سنة ٨٦٧ هـ (١)، نزل عن المؤيدية لعمه قاضي القضاة برهان الدين، واستوطن القدس، ثم سافر إلى القاهرة، واستقر في مشيخة المؤيدية في سنة ٨٧٨ هـ (٢)، وشرع يتردد من القاهرة إلى القدس الشريف، وفي سنة ٨٩٢ هـ (٣) نزل بعمارته التي بكرمه عند خان الملك الظاهر بيبرس، وأقام بها مدة يسيرة، ثم قصد التوجه إلى القاهرة، فوصل إلى مدينة غزة، فأدركته المنية (٤) بها في يوم الجمعة سادس شعبان سنة ٨٩٢ هـ بالجامع الجاولي (٥)، ودفن بتربته هناك بجوار الجامع، وقد تلاشت أحوال عمارته التي بظاهر القدس، وخرب غالبها في هذه المدة اليسيرة التي هي دون تسع سنين بعد وفاته، وصارت من المهملات بعد ما كان فيها من العز والوقار ما لم يمكن شرحه، وكان القياس يقتضي أنه إذا توفي صاحبها، ومضى عليه أزمنة ودهور لا يؤول أمرها إلى هذا التلاشي الفاحش في هذه المدة اليسيرة، فسبحان القادر على ما شاء الله، المتصرف في عباده بما يريد.

قاضي القضاة العلامة خير الدين أبو الخير محمد بن الشيخ الإمام المقرئ المحدث، شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عمران الغزي الأصل، ثم المقدسي الحنفي (٦)، ولد بغزة في ليلة العشر (٧) من رمضان سنة ٨٣٨ هـ (٨)، قرأ القرآن بالروايات على والده وأجازه، وسافر إلى الديار المصرية، واشتغل من ابتداء أمره، ودأب وحصل، وتفقه (٩) بالقاهرة على الشيخ قاسم الحنفي، وأذن له بالإفتاء والتدريس، ولقي العلماء، وأخذ عن جماعة الفقه والحديث، وبرع في مذهب الإمام الأعظم أبو حنيفة، ، وتميز وصار من الأعيان المعتبرين، ولي قضاء الحنفية بالقدس الشريف، عوضا عن قاضي القضاة جمال الدين الديري،


(١) ٨٦٧ هـ/ ١٤٦٢ م.
(٢) ٨٧٨ هـ/ ١٤٧٣ م.
(٣) ٨٩٢ هـ/ ١٤٨٦ م.
(٤) المنية بها … بتربة هناك أ ب ج د: - هـ.
(٥) بناه الأمير علم الدين سنجر المعظم الجاولي، ينظر: ابن بطوطة ١/ ٧٤؛ عطا الله ٢٤٠.
(٦) ينظر: السخاوي، الضوء ٩/ ١٧٨.
(٧) العشر أ ب ج هـ: العشرين د.
(٨) ٨٣٨ هـ/ ١٤٣٤ م.
(٩) وتفقه أ ب ج هـ: - د قاسم أ ب ج هـ: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>