للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمسكوا بما معهم من الفتاوى بجواز إعادتها، وتشفعوا للسلطان بمن لهم به اعتناء، وكان أعظم المساعدين لهم يشبك الدوادار الكبير بمال بذلوه له، ولم (١) يعلم السلطان بشيء من ذلك، فلم يزل يشبك الدوادار يسعى عند السلطان إلى أن رسم بإعادتها بآلاتها القديمة، وعين قاضيين من خلفاء الحكم بالديار المصرية، وهما القاضي شهاب الدين أحمد الخرمي الشافعي، المشهور بابن جبلات، والقاضي علاء الدين علي الميموني الحنفي، فحضرا إلى القدس الشريف في يوم الأربعاء عشري ربيع الآخر، وعقد مجلس (٢) بقبة موسى حضره قضاة القدس الأربعة ومن حضر من قضاة القاهرة، وقرئ المرسوم الشريف الوارد بمعنى ذلك، فقضاة القدس لم يحصل منهم معارضة ولا إذن، وأسندوا الأمر إلى من حضر من القاهرة، فأذن القاضي علاء الدين الميموني الحنفي لليهود في إعادة الكنيسة بآلاتها القديمة، وشرعوا في بنائها في يوم الخميس حادي عشري ربيع الآخر، وكان القاضي شهاب الدين بن جبلات حصل له توعك بالقدس، فبادر إلى الرجوع إلى القاهرة (٣) قبل انتهاء أمر الكنيسة، ولم يتكلم في أمرها بشيء، واستغفر الله تعالى مما وقع منه من السفر في هذه الحادثة، وحكى لي بالقاهرة أن السبب في رجوعه من القدس بسرعة، وعدم تكلمه في أمر الكنيسة، أنه لما حصل له التوعك بالقدس، كان في خلوة بالمدرسة الجوهرية، وإذا باليهود قد حضروا وجلسوا على باب الخلوة التي هو بها، وتكلموا في أمر الكنيسة، وما حصل لهم من إذن القاضي الحنفي في إعادتها، فقال بعضهم (٤) لبعض: «هذا عيد مبارك بإعادة هذه الكنيسة (٥)، فما نسمي هذا العيد؟ فقالوا: نسميه عيد النصر»، فلما سمع القاضي شهاب الدين ابن جبلات الشافعي ذلك اقشعر جلده (٦) وانزعج وبادر بالخروج من القدس، وتوجه إلى القاهرة، واستغفر الله فيما وقع منه، وقد سمعت هذا الكلام من لفظه بالقاهرة على هذه الصفة في سنة ٨٨٤ هـ، وأما الحنفي فإنه استمر مقيما بالقدس الشريف إلى أن كملت عمارتها (٧)، ولما أذن في عمارتها، امتنع شهود بيت المقدس من كتابة مستند بذلك، فكتب هو بخطه ورقة


(١) ولم ب ج د هـ: ولو أ.
(٢) وعقد مجلس … يوم الخميس حادي عشر ربيع الآخر أ ب هـ: - ج د.
(٣) القاهرة أ ب د: مصر هـ: - ج.
(٤) بعضهم لبعض أ ب ج د: بعضهم لبعضهم هـ.
(٥) الكنيسة أ ب ج د: القبة هـ.
(٦) جلده أ: جسده ب ج د هـ.
(٧) عمارتها أ ج د هـ: أعادتها ب: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>