للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإذن (١) لليهود في ذلك، وكان بالقدس رجل اسمه إسماعيل البنا تعين (٢) لبنائها، فبات تلك الليلة، فرأى النبي ، فقال له: يا إسماعيل أنت تصلي عليّ في كل يوم وليلة، وتبني مكانا أسب فيه! فامتنع من بنائها، فوعد بمال له صورة، فلم يلتفت إليه، وتولى بناءها من كتب الله عليه الشقاوة، ولما (٣) وقع ذلك كنت مقيما بالقاهرة، وبلغني عن هذا البناء أنه رأى النبي ، ونهاه عن البناء، ولم أتحقق كيف وقع القول، فلما قدمت بيت المقدس في أواخر سنة ٨٨٤ هـ (٤) وجدته حيا، فسألته عن حقيقة الرؤيا، فأخبرني بها من لفظه كما تقدم ذكره، فلما انتهى بناء الكنيسة عاد الحنفي إلى القاهرة، وقد أسكن الله مقته في قلوب العباد، وصار يدعى بقاضي الكنيسة، وبلغني أنه لما وصل إلى القاهرة استدعى كبير اليهود، وقال له:

«أبشرك أنني بنيت لك الكنيسة أعلى مما كانت بكذا» وأشار بذراع يده، ومما وقع له أنه كان يكتب علامته على المستندات الشرعية الحمد لله الذي أعلى معالم العلوم وأعلامه، فنكت عليه بعض طرفاء الفقهاء، وقال له: ينبغي أن تكتب الحمد لله الذي أعلى معالم الدين، فرجع وكتب علامته الأولى، ولم يزل أمره يضمحل وأحواله تتناقص حتى وقع له محنة في شهر ربيع الآخر سنة ٨٨٣ هـ (٥) بسبب حكم حكم به (٦) في أيام قاضي القضاة سعد الدين الديري من مدة تقرب عشرين (٧) سنة قبل التاريخ المذكور، فأحضره السلطان بين يديه وضربه ضربا مؤلما، وهو بالحوش في المكان الذي ضرب فيه أهل بيت المقدس، ووضعه في زنجير (٨) وسلم للوالي الذي كان تسلم أهل بيت القدس، وأمر بإخراجه إلى حلب بعد أن كتب عليه أنه لا يعمل قاضيا ولا شاهدا، وعزله (٩) عزلا مؤبدا، فخرج من القاهرة إلى أن وصل إلى خانقاه سريا قوس (١٠)


(١) بالإذن ب ج د هـ: - أ.
(٢) تعين أ ب ج د: فعين هـ.
(٣) ولما ب: فلما أ ج هـ.
(٤) ٨٨٤ هـ/ ١٤٧٩ م.
(٥) ٨٨٣ هـ/ ١٤٧٨ م.
(٦) به ب ج د هـ: - أ.
(٧) عشرين أ ج: عشري ب ج هـ.
(٨) زنجير: سلسلة زرد من الحديد ومتعارف عليه الآن جنزير، وهي فارسية الأصل، ينظر: التونجي ٣١٦.
(٩) وعزله عزلا … سريا قوس أ ب: - ج د هـ.
(١٠) خانقاه سريا قوس: تقع خارج القاهرة من شمالها بأول قبة بني إسرائيل، أنشأها السلطان الملك الناصر محمد ابن قلاوون، جعل فيها مائة خلوة وبنى بها مسجد تقام فيه الصلاة، وكان ذلك في سنة ٧٢٣ هـ/ ١٣٢٣ م، ينظر: المقريزي، الخطط ٢/ ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>