السلام على الموتى في قبورهم، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "السلام عليكم دار قوم مومنين".
وعلى أن الأرض تحدث أخبارها حقيقة يوم القيامة، استدل عن طريق التنظير بقوله - صلى الله عليه وسلم - "فإنَّهُ لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنسٌ وَلاَ شيءٌ إلا شَهِدَ له يوم القيامة".
ويستحضر المؤلف الأحاديث الصحاح عند ردوده على المخالفين، فمن ذلك أنه رد قول ابن عطية أنَّ مَنْ خُيِّرَ بين شيئين يُعَدُّ متَنَقِّلا، بحديث "كلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ". وتعقَبَ ابنَ خليل السكوني في ما وقع له في شرحه للكشاف، من أن السلطان لو أمره إذا دعى إلى معصية فإنه يجب اتباعه، وعدَّه خطأ صُراحا؛ وقال:"حديث مسلم في كتاب الإمارة يرد عليه".
ومن المهم بيان أن البسيلي يتحرى صحة الأحاديث التي يوردها، ولا ينص دائما على أصولها، وقد يسمى راوي الحديث أو يقطعه، وقد يكتفي بالتنبيه على ما في الحديث من انقطاع أو ضعف، بقوله "في صحته نظر"، كما وقع له في حديث "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك"، ولا ذكر للأسانيد عنده إلا لماما.
والملاحظ أنه حين ينقل الحديث عن عالم به، كابن الصلاح، لا ينص على درجة صحته، اعتمادا على مصدره، كقوله:"وروى ابنُ الصَّلاحِ في "علوم الحديث"، في بابِ "روايةِ الأبناءِ عنِ الآباء"، حديثاً يقتضي اتِّصافَ اللهِ بالحنانِ. وحَكى في سَنَدٍ متَّصل إلى عليِّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ " الحنَّانَ هوَ الذي يُقْبِلُ على مَنْ أعرضَ عنه، والمَنَّانَ هُو الذي يبْدأ بالنَّوَالِ قبلَ السؤال".
ولكن حين يتعلق الأمر بالنقل عن مفسر غير محدث كالفخر، فإن البسيلي كان يتحرى درجة صحة الأحاديث التي ينقلها عنه، فعند قوله تعالى:(فَقالَ إِني سقِيمٌ)، نقل عن الفخر قوله: "حديث "لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كِذبات"، غير صحيح". ثم رد عليه البسيلي بأنه في صحيح مسلم، ثم زاد على ذلك التصريح بأن