الفخر في الحديث ضعيف، والحديث في مسلم في كتاب المناقب في فضائل الأنبياء، وخرجه أيضا في أحاديث الشفاعة:"فياتي الناس إلى إبراهيم ... فذكر كذباته". ومما يدل على ما مر أنه عندما ينقل الحديث عن المفسرين، فإنه يحاول أن يجد له مصدرا إضافيا ليتأكد منه، مثاله أن نقل عن ابن عطية قوله:"وفعَلَ ذلك نبيُّنا عليه السلام قبلَ البعثةِ، حكاهُ النَّقَاشُ، وخرَّجهُ الترمذي"؛ فزاد البسيلي:"ونقلَهُ عِيَاضُ في "الشِّفا " ذكَر أنَهُ انتظر موعدَه ثلاثةَ أيامٍ، وذَكَرَهُ ابنُ ماجة حديثاً". إلا أن هذا الحديث ليس عند ابن ماجة، بل انفرد به من بين أصحاب الكتب الستة أبو داود في "سننه"(٤/ ٢٩٩؛ رح: ٤٩٩٦)؛ كتاب الأدب، بابٌ في العِدَة.
وعدا هذا فإنه لم يغتر بأحاديث فضائل السور، فلم يوردها رغم متابعته لمفسرين أوردوها كالزمخشري. وما طغى به القلم من الأحاديث الضعيفة التي أوردها -على قلتها- جاءت في فضائل الأعمال لا الأحكام، كحديث الترمذي:"مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: أعُوذُ بالله السمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَيْطَانِ الرجِيمٍ ثلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الحشرِ، وُكِلَ بِهِ سَبْعُون ألْف مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُون لَهُ، وَإِنْ مَاتَ في يَوْمِهِ ذَلِكَ مَاتَ شَهِيدًا"، ولربما خرج من العهدة في هذا الحديث، إذ ذكر أنه عند الترمذي وابن حنبل، ومن أسند لك فقد أحالك على تتبع أحوال الرواة حسبما هو مقرر في علم مصطلح الحديث.
ومن المفيد الإشارة إلى أن نكت البسيلي قد تضمنت في أحوال نادرة، إشارات عرضية إلى قضايا تتعلق بالصناعة الحديثية؛ كمناقشة قضية تعداد الأحاديث المتواترة، وهل يصح أنها لا تتجاوز حديثين كما عند أبى عمرو بن الصلاح؟. ومسألة نقل الحديث بالمعنى؛ وما هو الأصح من الحديث؛ بيد أن هذه ووصيفاتها إلماعات خافتة، لا تجعل من البسيلي محدثا ولا تطبع كتابه بطابع التفسير بالمأثور، وإن كان -حقا- قد تلافى ما يقع فيه غالب أهل التفسير بالرأي المقبول من تساهل في تحري الصحة في الأحاديث التي يستشهدون بها.