قائم وقاعد، والمال عندي من ذهب وفضة، فاعرف ذلك إن شاء الله.
وقوله: فأبرحت فارسا وأبرحت ربّا، هو مأخوذ من البرح وهو الشدة التي يتعجب منها، وقد استعمل البرح والبرحين في أسماء الدواهي.
فإذا قيل: أبرحت فارسا فقد تعجب من فروسيته وأنه أتى فيها بما لم يأت به غيره.
كما قيل: كفى بالله شهيدا! وكفى بالشيب واعظا! ومعناه: كفى الله، وكفى الشيب، وعلى هذا تقول: كفى بك فارسا وكفيت فارسا، وهو مثل: أبرحت فارسا.
[هذا باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمرا]
وذلك لأنهم بدءوا بالإضمار لأنهم شرطوا التفسير، وذلك نووا، فجرى ذلك في كلامهم هكذا، كما جرت (إنّ) مجرى الفعل الذي تقدم مفعوله قبل الفاعل، فلزم هذا هذه الطريقة في كلامهم كما لزمت (إنّ) هذه الطريقة في كلامهم.
وما أنتصب- في هذا الباب- فإنه ينتصب كانتصاب ما انتصب في باب:
حسبك به، وويحه، وذلك قولهم: نعم رجلا عبد الله، كأنك قلت: حسبك به رجلا عبد الله؛ لأن المعنى واحد.
ومثل ذلك: ربّه رجلا، كأنك قلت: ويحه رجلا في أنه عمل فيما بعده لا في المعنى.
وحسبك به رجلا مثل: نعم رجلا في المعنى وفي العمل؛ وذلك أنهما ثناء في استيجابهما المنزلة الرفيعة، ولا يجوز لك أن تقول: نعم، ولا ربه، وتسكت؛ لأنهم إنما بدءوا بالإضمار على شريطة التفسير، وإنما هو إضمار مقدم قبل الاسم، والإضمار الذي يجوز السكوت عليه إضمار بعد ما ذكر الاسم مظهرا، والذي تقدم من الإضمار لازم له التفسير حتى يبينه ولا يكون في موضع الإضمار في هذا الباب مظهر.
ومما يضمر لأنه يفسره ما بعده ولا يكون في موضعه مظهرا قول العرب: إنه كرام من قومك، وإنه ذاهبة أمتك، وفاعلة فلانة، فالهاء إضمار الحديث الذي ذكرت بعد الهاء. كأنه في التقدير- وإن كان لا يتكلم به- قال: إن الأمر ذاهبة أمتك وفاعلة فلانة فصار هذا الكلام كله خبرا للأمر، فكذلك ما بعد الهاء في موضع خبره.
وأما قوله: نعم الرجل عبد الله فهو بمنزلة: ذهب أخوه عبد الله. عمل (نعم) في الرجل ولم يعمل في (عبد الله).
وإذا قال: عبد الله نعم الرجل فهو بمنزلة عبد الله ذهب أخوه، وكأنه قال: