مدّت عليه الملك أطنابها ... كأس رنوناة وطرف طمر (١)
ومعنى البيت: أنه وصف ملكا دائم الشرب فقال: مدّت عليه، يعني: على الملك كأس، رنوناة أطنابها في معنى: الملك مملّكا الملك؛ فجعل الملك في معنى الحال، وتقديره: مملّكا.
وأما ما جاء منه مضافا معرفة فقولك: طلبته جهدك وطاقتك، وفعلته جهدي وطاقتي، وهو في موضع الحال؛ لأن معناه: مجتهدا، ولا يستعمل هذا إلا مضافا، لا تقول، فعلته طاقة ولا جهدا وقد مضى من المصادر أن منها ما لا يستعمل إلا مضافا، نحو: معاذ الله، وعمرك الله.
قال:(ومثله: فعله رأي عيني وسمع أذني، قال ذاك وإن قلت: سمعا جاز) لأنّه قد استعمل مضافا وغير مضاف.
[هذا باب ما جعل من الأسماء مصدرا كالمضاف في الباب الذي يليه]
(وذلك قولك: مررت به وحده، ومررت بهم وحدهم، ومررت برجل وحده ومثل ذلك في لغة أهل الحجاز: مررت بهم ثلاثتهم وأربعتهم، وكذلك إلى العشرة.
وزعم الخليل أنهّ إذا نصب ثلاثتهم فكأنّه يقول: مررت بهؤلاء فقط لم أجاوزهم. كما أنه إذا قال: وحده فإنما يريد: مررت به فقط لم أجاوزه.
وأمّا بنو تميم فيجرونه على الاسم الأول إن كان جرّا فجرّ، وإن كان نصبا فنصب وإن كان رفعا فرفع.
وزعم الخليل أن الذين يجرّونه كأنّهم يريدون أن يعمّوا كقولك: مررت بهم كلّهم أي لم أدع منهم أحدا.
وزعم الخليل حين مثّل نصب وحدهم وخمستهم أنه كقولك: مررت بهم أفرادهم، أي إفرادا لهم، فهذا تمثيل وإن لم يستعمل في الكلام)
قال أبو سعيد- رحمه الله-: ليونس قول في " وحده " يأتي في الباب الثالث من هذا
(١) بدون نسبة: الخصائص ٢: ٢٤؛ المقاييس ٢: ٤٤٣ (وقد نسبه إلى عمرو بن أحمر).