للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألقه، حتى يكون المضمر مشاكلا للمظهر.

قال سيبويه: (يكون الآخر في أنه يدخله في الفعل بمنزلة هذا، حيث لم يدخله لأن " بل "، و " لكن " لا يعملان شيئا، ويشركان الآخر مع الأول؛ لأنهما " كالواو "، و " ثم " و " الفاء "، فأجروهما مجراهن فيما كان النصب فيه الوجه، وفيما جاز فيه الرفع إن شاء الله).

يعني: أن قولك: " ما لقيت زيدا ولكن عمرا مررت به "، الأول فعل منفي ب " ما "، والثاني موجب ب " لكن "، ويختار فيه حمل الثاني على الأول في باب النصب وإضمار الفعل، وإن اختلفا في الإيجاب والنفي، كما أن قولك: " لقيت زيدا وعمرا لم ألقه " قد أوجبت فيه الفعل الأول ونفيت الثاني، وعمل الفعل على حاله غير مختلف، و " لكن " في إدخال الاسم في الفعل المنفي عن الأول بمنزلة " الواو " في قولك: " وعمرا لم ألقه " في نفس الفعل الذي أوجبته للأول عن الثاني؛ لأن حروف العطف تعمل عملا واحدا، وإن كانت معانيها مختلفة، فكل ما كان النصب فيه الوجه مع " الواو "

كان كذلك مع " لكن ".

ويجوز الرفع في " لكن "، و " بل "، كما جاز في الواو، وذلك قولك: " ما رأيت زيدا لكن عمرو مررت به " فهذا معنى قوله: (وفيما جاز فيه الرفع) فاعرفه إن شاء الله.

[هذا باب ما يحمل فيه الاسم على اسم بني عليه الفعل مرة ويحمل مرة أخرى على اسم مبني على الفعل]

(أي ذلك فعلت جاز.

فإن حملته على الاسم الذي بني عليه الفعل كان بمنزلته إذا بنيت عليه الفعل مبتدأ، يجوز فيه ما يجوز فيه إذا قلت: " زيد لقيته "، وإن حملته على الذي بني على الفعل، اختير فيه النصب، كما اختير فيما قبله وجاز فيه ما جاز في الذي قبله، وذلك قولك: " عمرو لقيته وزيد كلمته "، إن حملت الكلام على الأول، وإن حملته على الآخر قلت: " عمرو لقيته وزيدا كلمته ").

قال أبو سعيد: اعلم أن الكلام إذا كان مبتدأ وخبرا، ثم عطفت عليه جملة في أولها اسم، وبعده فعل مشتغل بضميره، كان الاختيار رفع الاسم الثاني بالابتداء كحاله لو لم

<<  <  ج: ص:  >  >>