بدرهم؛ لأن القفيز ليس بحلية ولا وصفا، وإنما هو مكيال، فإما أن تجعله مبتدأ وما بعده خبر، وتكون هذه الجملة في موضع خبر أو حال أو نعت.
فالخبر قولك: البر قفيز منه بدرهم، والحال: مررت ببرّك قفيز منه بدرهم، فجملة المبتدأ والخبر في موضع الحال من برّك، والنعت: مررت ببر قفيز منه بدرهم: مبتدأ وخبر في موضع النعت، كقولك: مررت برجل أبوه قائم، وتنصب قفيزا على الحال ولا تكون جملة، والاختيار إذا كان الذي قبله نكرة أن لا تنصب، ولكن تجعل جملة في موضع الحال.
ولهذا قالوا:(العجب من برّ مررنا به قبل قفيزا بدرهم) حملوه على الهاء في به، وهي معرفة، وحسن أن يكون حالا، ولم يحسن أن يكون صفة لأنهم قد يجعلون الجواهر أحوالا.
يقولون: هذا مالك درهما، وهذا خاتمك حديدا، ولا يحسن أن تجعله صفة، فتقول: مررت بخاتم حديد، ولا مررت بمال درهم، لأن الحال خبر، والخبر يكون بالاسم وغيره، والصفة لا تكون إلا لتحلية.
[هذا باب ما تنتصب فيه الصفة لأنه حال]
(وقع فيه الأمر وفيه الألف واللام شبهوه بما يشبّه من الأسماء بالمصادر نحو قولك: فاه إلى فيّ، وليس بالفاعل ولا المفعول) وذكر الفصل.
قال أبو سعيد: حق الصفة أن تكون تحلية في الموصوف في حال الإخبار عنه إذا كان معرفة كقولك: العاقل والأحمق، والبصري واليمني، والقائم والقاعد، لأن هذه أشياء حاصلة في المحلّى لها، فإذا قيل: ليدخل العاقل، فالعاقل معروف في وقت الأمر، ولا يجوز أن تقول: ليدخل الأول إلا أن يكون اسما لواحد قد استحقه، هذا هو القياس.
وقد اتسعوا في مثل هذا فأمروا بالفعل الذي يستحق فاعله به صفة ما، وأوقعوا تلك الصفة عليه قبل وقوعه منه
على معنى ما تكون فيه فيقولون: ليدخل الأول، ومعناه:
ليدخل رجل من القوم إذا دخل صار الأول فهذا المفروض فيه، فسموه بالأول قبل استحقاقه على هذا المعنى، ومن أجل هذا المعنى جاز أن تجعل الأول فالأول حالا، لأنه ليس بصفة مستقرة كالعامل وأنها نصبت أولا في ترتيب الفعل إذا سبق فيه فأشبه النكرات.