للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هذا باب اشتراك الفعل في (أن) وانقطاع الآخر من الأول الذي عمل فيه (أن)]

فالحروف التي تشرك: الواو، والفاء، وأو، وثم. وذلك قولك: أريد أن تأتيني ثم تحدثني، وأريد أن تفعل ذلك وتحسن، وأريد أن تأتينا فتبايعنا، وأريد أن تنطق بجميل أو تسكت. ولو قلت:

أريد أن تأتيني ثم تحدثني جاز، كأنك قلت: أريد إتيانك ثم تحدثني ويجوز الرفع في جميع هذه الحروف التي تشرك على هذا المثال،

وقال- الله تبارك-: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ (١) ثم قال- عز وجل-: وَلا يَأْمُرَكُمْ (٢)، فجاءت منقطعة من الأول، لأنه أراد: ولا يأمركم الله؛ وقد نصبها بعضهم على قوله: وما كان لبشر أن يأمركم أن تتخذوا.

وتقول: أريد أن تأتيني فتشتمني، لم يرد الشتيمة، ولكنه أراد: كلما أردت إتيانك شتمتني؛ هذا معنى كلامه، فمن ثم انقطع من أن.

قال:

يريد أن يعربه فيعجمه (٣)

أي: فإذا هو يعجمه. وقال الله- تبارك وتعالى-: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ (٤) أي: ونحن نقر في الأرحام، لأنه ذكر الحديث للبيان، ولم يذكره للإقرار؛ وقال الله- جل ثناؤه-: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى (٥)

فانتصب لأنه أمرها بالإشهاد لأن تذكّر، ومن أجل أن تذكّر.

فإن قال إنسان: كيف جاز أن نقول: أن تضلّ، ولم يعدّ هذا للضلال والالتباس؟ فإنما ذكر (أن تضلّ) لأنه سبب الإذكار، كما يقول الرجل:


(١) سورة آل عمران، الآية: ٧٩.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٨٠.
(٣) البيت ورد منسوبا لرؤبة بن العجاج ونسب أيضا إلى الحطيئة، ملحقات ديوان رؤبة ١٨٦، ديوان الحطيئة ١٢٣.
(٤) سورة الحج، الآية: ٥.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>