تمييزا. وجعل سيبويه " هذه جبتك خزّا " حالا؛ لأن الجبة ليست بمقدار يقدر به الخز، فيجري مجرى راقود ونحي الإناء وعشرين. وقال أبو العباس محمد بن يزيد: خطأ أن يكون حالا، إنما هو تمييز، وقد مضى الكلام فيما يجعله سيبويه من الأجناس أحوالا، ويفرّق بينه وبين الحال والصفة وسائر ما في الباب مفهوم.
هذا باب ما ينتصب لأنّه ليس من اسم ما قبله ولا هو هو
" وذلك قولك: هذا ابن عميّ دنيّا، وهو جاري بيت بيت. فهذه أحوال قد وقع فيها في كل واحد شيء وانتصب؛ لأنّ هذا الكلام قد عمل فيها كما عمل الرجل في العلم حين قلت: عشرون درهما؛ لأن الدرهم ليس من اسم العشرين ولا هو هو "
قال أبو سعيد: الذي يريده سيبويه الاسم الذي له اسمان أحدهما هو الآخر ولو غيرنا عن كلّ واحد منهما بالآخر كان له اسما، والذي هو من اسمه أن يكون محمولا على إعرابه، وذلك النعت وما كان من الحال من أسمائه الفاعلين كقولنا: هذا زيد ذاهبا، فهو هو لأن زيدا هو ذاهب، وذاهب هو زيد، وما كان مصدرا لم تقل هو هو؛ كقولك: هو ابن عمي دنيّا، دنيّا مصدر في الأصل، ولا تخبر عنه ولا يكون خبرا، وأصل دنيّا دنوا؛ لأنه من دنا يدنو، فقلبوا الواو ياء؛ لأن بينهما وبين الكسرة نونا ساكنة وهو خفيّة، ودنيّا ليس بمتمكن؛ لأنه لا يقال: هذا ابن عمى دنيّ، ولا: مررت بابن عمّ دنيّ، ودنيّا في معنى دانيا منصوبا على الحال، والعامل فيه معنى ابن عمي، كأنه قال: يناسبني دانيا.
وأما قوله:" هو جاري بيت بيت " فمعناه: هو جاري ملاصقا، وبيت بيت جعلا اسما واحدا، ووضعا في موضع مصدر، وذلك المصدر في موضع الحال، " وهذا درهم وزنا " يكون وزنا مصدرا بمعنى: وزن وزنا، وحالا بمعنى موزونا، والذي ساق عليه الكلام أن يكون في موضع الحال، وكذلك: هذا حسيب جدا وهذا عربيّ حسبه، وتقديره: اكتفاء بمعنى: كافيا.
حدّثني بذلك أبو الخطاب عن من يثق به من العرب. جعله بمنزلة الدّني والوزن، كأنه قال: هو عربيّ اكتفاء. فهذا
تمثيل ولا يتكلم به، ولزمته الإضافة كما لزمته جهده وطاقته.
وما لم يضف من ذا ولم تدخله الألف واللام، فهو بمنزلة ما تضيفه ولم تدخله الألف واللام فيما ذكرنا من المصادر، نحو: لقيته كفاحا، وأتيته جهارا.