وأما ما جرى مجرى النعت فقوله " لا مثله أحد " ولا مثله رجل " ولا كزيد أحد " فبين " مثله " " بأحد " " وبرجل " وجرى مجرى النعت كما ذكرناه في عطف البيان، والكاف بمنزلة " مثل " ويجوز فيه النصب على ما ذكرنا.
وأما العطف فقول بعض العرب: " لا حول ولا قوة إلا بالله " ويجوز " ولا قوة إلا بالله " على ما تقدم.
وأما الخبر: لا رجل أفضل منك، كأنك قلت: زيد أفضل منك ولا يجوز فيه النصب إذا كان خبرا.
وإن جعلت " أفضل منك " نعتا جاز فيه النصب أيضا على ما ذكرنا
وشبهه بقولك: بحسبك قول السوء، أن مجرور الباء في موضع رفع بالابتداء وقول السوء خبره، كأنه قال: " حسبك قول السوء ".
وأما: " لا كالعشية زائرا ومزورا " .. فقد أحاط العلم أن الزائر والمزور لا يراد بهما العشية فاضطر المعنى إلى فعل يضمر فيه ما يظهر في مثل معناه وهو: لا أرى زائرا ومزورا كزائر العشية ومزورها، كما قالوا: ما رأيت كاليوم رجلا والمعنى: ما رأيت رجلا كرجل رأيته أو أراه، وإنما يقال ذلك عند التعجب.
ولو قال " لا كالعشية عشية " جاز في " عشية " الرفع والنصب كما تقول: لا مثل العشية عشية وعشية على موضع " لا " وعلى ما بعد " لا ".
وأجاز النصب أيضا من وجه آخر وهو التمييز الذي مر ذكره في قوله:
... فهل في معدّ فوق ذلك مرفدا
كأنه قال: فهل في عدد أكثر من ذلك مرفدا، وقد ذكرناه فيما تقدم كأنه قال: لا أحد كزيد رجلا، وقد ذكرنا هذا ونحوه فيما فسرناه في: لي مثله رجلا. وقوله بعد بيت امرئ القيس " كأنه قال ولا شيء له كهذا " فرفع على ما ذكرت لك. يعني: رفع على موضع " لا " وما عملت فيه.
[هذا باب ما لا تغير فيه «لا» الأسماء عن حالها التي كانت عليها قبل أن تدخل «لا»]
ولا يجوز ذلك إلا أن تعيد " لا " الثانية من قبل أنه جواب لقوله:
أغلام عندك أم جارية؟ إذا ادعيت أن أحدهما عنده فلا يحسن إلا أن تعيد " لا " كما أنه لا يحسن إذا أردت المعنى الذي تكون فيه " أم " إلا أن تذكرها مع اسم بعدها.