ولو قلت:" أكلّ يوم أنت أمير " نصبت، وصار " كل " ظرفا للأمير، فإذا قلت:" أكلّ يوم أنت فيه أمير " فقد صارت " فيه " هو الظرف للأمير، وارتفع " كلّ " بالابتداء.
وكذلك إذا قلت:" أكلّ يوم ينطلق فيه " وجعلت " فيه " في موضع رفع، وأقمتها مقام الفاعل في " ينطلق "، ورفعت " كل " بالابتداء، وفي هذا وجه آخر وهو: أن تجعل في " ينطلق " ضمير مصدر تقيمه مقام الفاعل، فيصير " فيه " موضعه نصب، فينتصب " كلا "؛ لأن ضميره اتصل بمنصوب على تقدير: أكلّ يوم ينطلق الانطلاق فيه، ويكون الناصب " لكل يوم " فعلا مبهما كأنك قلت: " أينطلق الانطلاق كلّ يوم ينطلق الانطلاق فيه ".
قال: (ولو جاز أن تنصب " كل يوم " وأنت تريد بالأمير الاسم لقلت: " أعبد الله عليه ثوب "؛ لأنك تقول:" أكلّ يوم لك فيه ثوب ").
يعني أن " الأمير " ليس يجري مجرى الفعل، فهو بمنزلة " الثوب " ولا ينصب الاسم الأول، وإن كان في الكلام ضمير يعود إليه متصل بمنصوب؛ لأن ذلك المنصوب نصبه كنصب الظرف بمعنى استقر، فإذا قلت:" أعبد الله عليه ثوب "، فتقديره: أعبد الله استقر عليه ثوب كما تقول: " أعبد الله خلفه ثوب "، ولو أظهرت الاستقرار لنصبت " عبد الله "، كقولك:" أعبد الله استقر عليه ثوب "، وقولك:" أكلّ يوم لك ثوب " تنصب " كل يوم " بالظرف، والعامل
فيه " لك " بمعنى الاستقرار، فإذا شغلت الظرف بضمير " اليوم "، خرج " اليوم " من أن يكون ظرفا، ورفعته بالابتداء فقلت:" أكلّ يوم لك فيه ثوب "، ولا تنصب " اليوم "؛ لأنه لم يظهر فعل ولا اسم فاعل.
قال: (ولو جاز أن تقول: " أكلّ يوم لك فيه ثوب "، لجاز أن تقول:" أعبد الله عليه ثوب "؛ لأن " عليه " في موضع نصب مثل: " فيه ". وهذا لا يجوز فيهما جميعا، لأنك لم تأت بفعل).
[هذا باب الأفعال التي تستعمل وتلغى]
(وهي ظننت، وحسبت، وخلت، ورأيت، وزعمت، وما يتصرف من أفعالهن كأحسب وتظن).
قال أبو سعيد: أعلم أن هذه الأفعال تدخل على جمل، هي أسماء وأخبار قد كانت قائمة بنفسها فيحدث الشك أو اليقين في أخبارها، فلذلك لم يجز الاقتصار على أحد المفعولين دون الآخر، وذلك أنك إذا قلت:" حسبت زيدا منطلقا "، فالمحسبة وقعت منك