للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عارض، كما أن الذي يقول: علم وكرم في علم وكرم الأصل عنده علم وكرم وإن خفّف ".

والدليل على أن الأصل هذا أنه لو جعل الفعل لنفسه لقال: علمت وكرمت، فرد البناء إلى أصله، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.

[هذا باب ما تمال فيه الألفات]

اعلم أن معنى الإمالة أن تميل الألف نحو الياء فتكون بين الألف والياء في اللفظ، والذي دعا إلى ذلك أنه إذا كان في الكلمة كسرة أو ياء نحوا بالألف نحو الياء وأجنحوها إتباعا للكسرة، ولأن الياء أقرب إلى الألف من الواو. والأشياء التي من أجلها تمال الألف، الياء أو الكسرة إذا كانتا ظاهرتين أو مقدرتين، أو كان في تصاريف الكلمة التي فيها الممال ياء أو كسرة، أو يكون مآل الألف ومرجعها إلى الياء في بعض تصريفها، أو ليفرق بين لفظين، فيشبّه ما لا أصل له في الإمالة بما يمال لاشتراكهما في لفظ الألف وذلك على مراتب منها ما تقوى فيه الإمالة، ومنها ما يجوز، وليس بقوي، ومنها ما يقبح، وقد تكلّم به على فتحه، ومنها ما جاء شاذا تكلمت به العرب، وأنت تقف على جميع ذلك مما أسوقه من كلام سيبويه.

قال سيبويه: " فالألف تمال إذا كان بعدها حرف مكسور، وذلك قولك: عابد وعالم ومساجد ومفاتيح وعذافر وهابيل، وإنما أمالوها للكسرة التي بعدها، أرادوا أن يقرّبوها منها كما قربوا في الإدغام الصاد من الزاي حين قالوا صدر، فجعلوها بين الصاد والزاي، فقربوها من الزاي والصاد التماس الخفة، لأن الصاد قريبة من الدال فقربوها من أشبه الحروف من موضعها بالدال، وبيان ذلك في الإدغام، فكما يريد في الإدغام أن يرفع لسانه من موضع واحد كذلك يقرب الحرف إلى الحرف على قدر ذلك فالألف قد تشبه الياء فأرادوا أن يقربوها منها "

قال أبو سعيد: اعلم أن الصاد والدال متقاربا المخرج، وبينهما على تقاربهما اختلاف في كيفيتهما، وذلك أن الصاد مهموسة والدال مجهورة والصاد مطبقة مستعلية وليست الدال كذلك والصاد رخوة والدال شديدة والصاد من حروف الصفير، وليست الدال منها، فلهذا التباين استثقلوا تحقيق الصاد وبعدها الدال فاختاروا حرفا من مخرج الصاد يوافق الدال في بعض ما خالفتها الصاد فيه، وذلك الحرف الزاي لأن الزاي مجهورة مثل الدال وليست بمستعلية ولا مطبقة، كما أن الدال كذلك فجعلوا الصاد بين الصاد

<<  <  ج: ص:  >  >>